Connect with us

البوابة الأخبارية

الأضحية.. حكمها وشروطها وكيفية تقسيمها وتوزيعها

Published

on

الأضحية.. حكمها وشروطها وكيفية تقسيمها وتوزيعها؟
وكان رد دار الإفتاء كالتالي:
الأضحية: هي ما يذكى تقرّبا إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة، فلا يعد أضحية ما يذكى لغير التقرّب إلى الله تعالى كالذبائح التي تذبَح للبيع أو الأكل أو إكرام الضيف، ولا يكون أضحية ما يذبح في غير هذه الأيام ولو بنية التقرب لله تعالى، ولا كذلك ما يذكى بنية العقيقة عن المولود، ولا ما يذبح في الحج من هدي التمتّع أو القران أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور في الحج، أو لمطلق الإهداء للحرم وفقرائه.

ويقال عنها: أضحية، والجمع أضاحيّ، أو: ضَحيّة، والجمع ضحايا، أو أَضحاة والجمع أَضحَى، وبه سمّي عيد الأضحى، أي الضحايا، سمّيت بذلك؛ لأنها تفعل في الضحى.

والأضحية المقصود بها شكر الله تعالى على نعمة الحياة إلى حلول الأيام الفاضلة من ذي الحجة، كما شكر نبي الله إبراهيم ربه بذبح الكبش العظيم لبقاء حياة ابنه إسماعيل على نبينا وعليهما الصلاة والسلام؛ ولشكر الله تعالى على شهود هذه الأيام المباركة وعلى التوفيق فيها للعمل الصالح؛ لأنها خير أيام العام التي أقسم الله عز وجل بها: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ}. وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأيام -يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”. رواه البخاري وغيره عن ابن عباس.

فالإسلام الحنيف يعلم أتباعه أن يكون فرحهم لله وفي الله وبفضل الله: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}. فعيدا رمضان والأضحى هما فرح بطاعة الله وتوفيقه ورضاه؛ ليتعوّد المسلم أن يكون فرحه لله، وحزنه لله، وعطاؤه لله، ومنعه لله، وأن يحيا لله، ويموت له تبارك وتقدس.

والأضحية شرعت بدليل الكتاب والسنة والإجماع: قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} فمن تفسيرها: صلّ العيد وانحر الأضاحي: البُدن وغيرها. والسنة في ذلك قولية وفعلية؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانَا”. أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه، وعن أنس قال: “ضَحَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا”. أخرجه مسلم. وأجمع المسلمون على مشروعيتها.

وأمّا حكمها: فالجمهور على أنها سنّة مؤكدة -أي أنه لا إثم في تركها- يفوت المسلمَ خير كبير بتركها إذا كان قادرا على القيام بها؛ فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا”. رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن غريب. ورواه الحاكم وصححه.

وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها، منهم أبو حنيفة ومالك في أحد قوليه.

وممن قال بأنها سنّة من ذهب إلى أنها سنة عين، لا تجزئ إلا عن صاحبها فقط، ومنهم من ذهب إلى أنها سنة عين في حق المنفرد، وسنة كفاية في حق أهل البيت الواحد، وهذا رأي الشافعية والحنابلة، وهو ما نميل إليه، فالشخص يضحّي عن نفسه وعن أهل بيته ولو بالشاة الواحدة. قال أبو أيوب الأنصاري: “كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً”. أخرجه مالك وصححه النووي في المجموع.

وأهل البيت الواحد هم من تلزم الشخص نفقتهم، ومعنى كونها سنة كفاية سقوط المطالبة عن الجميع بفعل الواحد منهم، لا حصول الثواب لكل منهم، إلا إذا قصد المضحي تشريكهم في الثواب.

أما شروط الأضحية فلها شروط عامة تشملها وتشمل غيرها من الذبائح، ولها شروط خاصة بها؛ فأما الشروط العامة:
أن يكون الحيوان حيا وقت الذبح.

وأن يكون زهوق روحه بمحض الذبح، فلو اجتمع الذبح مع سبب آخر للموت يُغَلب المحرِّم على المبيح فتصير ميتة لا مذكاة.

وألا يكون الحيوان صيدا من صيد الحرم، فلو ذُبح صيد الحرم كان ميتة سواء كان ذابحه محرما أم حلالا.

ويشترط في الذابح أن يكون:
1- عاقلا.
2- ومسلما أو كتابيا.
3- وألا يكون محرما إذا ذبح صيد البر.
4- وألا يذبح لغير اسم الله تعالى.

ويشترط في آلة الذبح: أن تكون قاطعة: معدنية أو غير معدنية، فعن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا أَنْهَرَ -أي أسال- الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ”. رواه الشيخان.

ويستحبّ في الذبح أشياء معظمها مأخوذة من حديث شداد بن أوس المرفوع: “إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ”. رواه مسلم.

ومن مستحبات الذبح:
– أن يكون بآلة حادة.
– وأن يسرع الذابح الذبح.
– واستقبال القبلة من جهة الذابح ومن جهة مذبح الذبيحة؛ لأن القبلة جهة الرغبة إلى طاعة الله تعالى، ولا بد للذابح من جهة، وجهة القبلة هي أشرف الجهات، وكان ابن عمر وغيره يكرهون أكل الذبائح المذبوحة لغير القبلة.
– وإحداد الشفرة قبل الذبح، ولكن دون أن يرى الحيوان ذلك؛ لحديث الحاكم عن ابن عباس: أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يُحِدّ شفرته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أتريد أن تميتها موتات؟ هلا حدّدت شفرتك قبل أن تضجعها”.
– وأن تضجع الذبيحة على شقها الأيسر برفق. قال النووي: اتفق العلماء على أن إضجاع الذبيحة يكون على جانبها الأيسر؛ لأنه أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار. اهـ. يؤخذ من التعليل أنه إن كان الذابح أعسر فيكون الإضجاع بالعكس، على اليمين، والله تعالى أعلم. وهذا في حق الذبائح التي تحتاج إلى إضجاع، بخلاف الإبل التي تنحر قائمة كما سيأتي.
– وسوق الذبيحة إلى المذبح برفق.
– وعرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها.
– وعدم المبالغة في القطع حتى يبلغ الذابح النخاع، أو يُبين رأس الذبيحة حال ذبحها، وكذلك بعد الذبح وقبل أن تبرد، وكذا سلخها قبل أن تبرد؛ لما في ذلك من إيلام لا حاجة إليه.

وأمّا الشروط الخاصة؛ فمنها شروط خاصة بالحيوان:
1- أن يكون من الأنعام؛ لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} الحج: 34. (وللاتباع)، عربية أو غير عربية، وهي الضأن والماعز والإبل والبقر ومنها الجاموس، يجزئ من كل ذلك الذكور والإناث. والجمهور على أن الشاة تجزئ عن واحد، والبدنة -جمل أو ناقة- والبقرة أو الجاموس كل منهما تجزئ عن سبعة؛ لحديث جابر: “نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ”. رواه مسلم.

2- وأن تبلغ سن التضحية، وهو أن تكون ثنية فما فوق من الإبل والبقر والماعز، أو جذعة فما فوق من الضأن؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً -أي ثَنِيّة- إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”. أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله، وتفسير هذه الأسنان فيه خلاف بين المذاهب نختار منها أن جذعة الضأن تبدأ من ستة أشهر فصاعدا، وأن ثنية المعز تبدأ من سنة، وأن ثنية البقر تبدأ من سنتين، ومن الإبل تبدأ من خمس.

3- وأن تكون سليمة من العيوب الفاحشة، وهي العيوب التي تنقص الشحم واللحم، بدليل حديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تجزئ من الضحايا أربع: العوراء البيّن عَوَرُها، والعرجاء البيّن عرجها، والمريضة البيّن مرضها، والعجفاء التي لا تُنقِي”. رواه الخمسة، و “لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يضحى بعضباء الأذن”. رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وصححه عن علي، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “استشرفوا العين والأذن”. رواه أحمد وأبو داوود والترمذي عن علي، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وعليه فلا يجزئ في الأضحية: العمياء والعوراء البيّن عورها، ومقطوعة اللسان بالكلية والجدعاء -مقطوعة الأنف- ومقطوعة الأذنين أو إحداهما أو ما ذهب من إحدى أذنيها مقدار كبير، والعرجاء البين عرجها، والجذماء -مقطوعة اليد أو الرجل- وكذا فاقدة إحداهما خِلقة، والجَذّاء التي قُطعت رءوس ضروعها أو يبست، ومقطوعة الإلية -أما فاقدتها خِلقة فأجازها الشافعية- أو ما ذهب من إليتها مقدار كبير، والمريضة البيّن مرضها، والعجفاء التي لا تُنقي -وهي المهزولة التي ذهب نقيها، وهو المخ الذي في داخل العظام- ومصرمة الأطباء -وهي التي عولجت حتى انقطع لبنها- والجلّالة -وهي التي تأكل النجاسات- ما لم تستبرأ بحبسها لتأكل من الطاهرات حتى يطيب لحمها، والبكماء -وهي فاقدة الصوت- والبخراء -وهي منتنة رائحة الفم- والصماء -وهي التي لا تسمع- والهيماء -وهي المصابة بالهُيام وهو العطش الشديد الذي لا ترتوي معه، والخصي المجبوب -وهو ما ذهب أنثياه وذكره جميعا- بخلاف ذاهب أحدهما فلا يضر؛ فقد صح أن: “النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين”. أي مرضوضي الخصية. رواه أحمد عن عائشة، ولا يضر التضحية بالجَمّاء، وتسمى الجلحاء -وهي التي لا قرن لها خِلقة- أما مكسورة القرن ففيه تفصيل، ولا يضر التضحية بالحولاء -ما دام بصرها باقيا- ولا الصمعاء -وهي صغيرة إحدى الأذنين أو كليهما- ولا الشرقاء -وهي مشقوقة الأذن- ولا الخرقاء -وهي مثقوبة الأذن- بشرط عدم ذهاب الخرق بأكثرها، ولا المدابرة -وهي التي قطع من مؤخر أذنها شيء ولم يُفصَل- ولا الهتماء -وهي التي لا أسنان لها- بشرط ألا يمنعها هذا من الرعي والاعتلاف، ولا الثولاء -وهي المجنونة- بشرط ألا يمنعها ثولها من الاعتلاف، ولا المكوية ولا العاجزة عن الولادة لكبرها، ولا الموسومة -وهي التي في أذنها سمة- ولا المجزوزة -وهي التي جُزّ صوفها- ولا المقعدة -وهي العاجزة عن القيام لكثرة الشحم عليها- ولا العشواء -وهي التي تبصر بالنهار دون الليل- ولا العمشاء، ولا ضعيفة البصر، ولا ما قطع منها قطعة صغيرة من عضو كبير كشيء يسير من الفخذ.

4- وأن تكون مملوكة للذابح أو مأذونا له فيها، فلو غصب شخص شاة وضحى بها عن مالكها من غير إذن لم تقع عنه؛ لعدم الإذن، ولو ضحى بها عن نفسه لم تجزئ أيضا؛ لعدم الملك.

ويشترط في المضحّي:
نية التضحية؛ لحديث: “إنما الأعمال بالنيات”؛ لتفترق هذه القُربة عن غيرها من القربات، وعن الذبح لمجرد اللحم.

وأمّا موعد ذبحها،
ففي الأمصار حيث تشرع صلاة العيد، يبدأ الوقت من انتهاء الصلاة في موضع التضحية، ولو قبل الخطبة، ولو قبل انتهاء الصلاة في مواضع أخرى، والأفضل التأخير إلى ما بعد الخطبتين، وإن كان في غير المِصر حيث لا تشرع صلاة العيد، فيجوز من فجر يوم النحر الصادق، وهذا رأي الحنفية، والأفضل الانتظار بقدر ما يسع انتهاء الصلاة؛ خروجا من خلاف من اشترطه. والعبرة بمكان الذبح لا بمكان الموكل.

وأما عن كيفية تقسيمها وتوزيعها؛ فيستحبّ أن يأكل منها ويطعم غيره ويدخر؛ لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. ولقوله عز وجل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: “كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا”. رواه مسلم والنسائي عن جابر. والأفضل أن يكون ذلك أثلاثا، ويعطي منها الغني والفقير، فقد روي عن ابن عباس أنه قال في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم: ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدّق على السؤَّال بالثلث. قال في المغني: رواه أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وحسنه.

وله التصدق بالجميع أو إبقاء الجميع، والتصدق بها أفضل من ادخارها إلا أن يكون المضحي ذا عيال وهو ليس ذا غنى وبسطة، فالأفضل لمثل هذا أن يوسع على عياله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا”. رواه مسلم.

ويستحبّ للمضحّي أن يذبح بنفسه إن قدر على ذلك؛ لأنه قربة، ومباشرة القربة أفضل من التفويض والتوكيل فيها، واستثنى الشافعية إن كان المضحّي أنثى أو أعمى فالأفضل في حقهما التوكيل، ويستحبّ للمضحي أيضا التسمية عند الذبح خروجا من خلاف من أوجبه فيقول: بسم الله والله أكبر، وحبذا لو صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحبّ له الدعاء بقوله: “اللهم منك ولك، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين”؛ وذلك لحديث فاطمة الآتي ولغيره، ويستحب له أن يبادر بالتضحية ويسرع بها قبل غيرها من وظائف العيد وأيام التشريق، لابتدار الخير قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.

ويستحبّ له قبل التضحية أن يربطها قبل يوم النحر بأيام؛ إظهارا للرغبة في القربة، وأن يقلدها -أي يجعل شيئا في عنقها ليعلم أنها أضحية- وأن يُجَلِّلها، وهو تغطيتها وإلباسها الجُلّ -بضم الجيم أو فتحها- لصيانتها قياسا على الهدي، وألا يزيل شيئا من شعره أو أظفاره إذا دخل أول ليلة من عشر ذي الحجة؛ تشبّها بالحجيج، والأصل في ذلك حديث أم سلمة مرفوعا: “إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسّ من شعره ولا من بشره شيئا”. أخرجه مسلم. وبعضهم جعل الحكمة من ذلك أن يبقى مريد التضحية كامل الأجزاء رجاء أن يعتق من النار بالتضحية. وهذا الأمر مسنون عند المالكية والشافعية، واجب عند الحنابلة.

ويستحبّ له أن يسمن الأضحية أو يشتري السمين؛ لأن ذلك من تعظيم شعائر الله تعالى، وإن كانت شاة أن تكون كبشا أبيض عظيم القرن خصيًّا؛ لحديث أنس: “أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين”.

وهل الأفضل الشاة أم الاشتراك في البدن أو البقر؟ وهل الأفضل الذكر أم الأنثى؟ وهل الأفضل الفحل أو الخصي؟

في ذلك كله خلافات بين الأئمة، مرجعها يدور حول الأفضل للفقير، وحول الذي يعود على الضحية بالسمن والعظم، ولعل عرف البلاد يتدخل في ذلك للحكم على تقدير الناس للطعوم وحاجات الناس للأنواع والمقادير، وفي النهاية مدار الأمر على التقوى. قال تعالى: {لِمَنِ اتَّقَى}

ويكره للمضحّي التضحية في الليل لغير حاجة، ويكره التصرف في الأضحية بما يعود عليها بضرر في لحمها أو جسمها، خاصة إذا كانت معينة أو منذورة، كالركوب، أو شرب لبن يؤثّر فيها، أو جزّ صوف يضر بها، أو سلخها قبل زهوق الروح.

ويكره إعطاء الجازر ونحوه أجرته من الأضحية؛ لحديث علي قال: “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنه وأقسم جلودها وجِلالها، وأمرني ألا أعطي الجزار منها شيئا، وقال: نحن نعطيه من عندنا”. رواه البخاري.

يجوز توكيل الغير عن ذبح الأضحية: الجزار وغيره، للحديث المرفوع: “يا فاطمة، قومي إلى أضحيتك فاشهديها”. رواه الحاكم عن أبي سعيد الخدري. وإن كان به ضعف إلا أن الفقهاء اتفقوا على صحة العمل بمضمونه، وإن كان الذابح الوكيل كتابيا صح عند الجمهور مع الكراهة، والأفضل أن يذبح بنفسه.

آخر ميعاد للذبح هو آخر أيام التشريق، أي عند غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة، وهذا مذهب عدة من الصحابة والتابعين، وهو رأي الشافعية وقول للحنابلة واختيار ابن تيمية، ودليلهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن حبان عن جبير بن مطعم: “كل أيام التشريق ذبح”. وعن علي بن أبي طالب: “أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده”.

والأفضل التعجيل بالذبح قبل غروب ثاني أيام التشريق أي يوم الثاني عشر من ذي الحجة؛ للخروج من خلاف الجمهور.

 

Continue Reading
Click to comment

اترك رد

البوابة الأخبارية

“كيف نساعد أطفالنا في التغلب على إدمان الألعاب الإلكترونية: خطوات لتحقيق التوازن والصحة النفسية”

Published

on

"كيف نساعد أطفالنا في التغلب على إدمان الألعاب الإلكترونية: خطوات لتحقيق التوازن والصحة النفسية"

الكثير من الأولياء يشعرون بالقلق بشأن انغماس أطفالهم في عالم الألعاب الإلكترونية، حيث يؤثر ذلك على حياتهم الاجتماعية والتعليمية. يسعون الآباء والأمهات إلى التخلص من هذا الإدمان بدرجة تدريجية دون أن يؤدي ذلك إلى إحساس أطفالهم بالحرمان وبالتالي الاكتئاب. كيف يمكننا مساعدتهم في هذا الصدد؟ يمكن اتباع خطوات نفسية معينة للتحكم في إدمان الألعاب الإلكترونية لديهم وتقليل فرص الاكتئاب.

  • التحاور مع الطفل بمودة:

قم بالتحدث مع ابنك بانتظام لفهم الأسباب وراء تفضيله للعب الألعاب الإلكترونية بشكل مفرط، وحاول تقديم الدعم بشكل أفضل وفقًا لاحتياجاته.

  • تحديد اوقات معينة لاستخدام الهاتف:

اتفق مع ابنك على وقت محدد يمكن قضاؤه في الألعاب الإلكترونية يوميًا، وذلك بدون توتر أو عنف، وتأكد من التزامه بهذه المواعيد.

  • تحديد نشاطات بديلة:

من المهم أن تساعد ابنك في اكتشاف هوايات أو نشاطات بديلة عن الألعاب الإلكترونية، مثل القراءة، أو الرسم، أو تعلم مهارات جديدة، حيث يمكن لهذه الأنشطة الإيجابية استغلال طاقته بشكل مثمر بدلاً من اللجوء إلى الإدمان على الألعاب الإلكترونية.

  • إنشاء بيئة صحية:
ينبغي إنشاء بيئة مناسبة في المنزل تدعم الطفل في تقليل استخدام الألعاب الإلكترونية، مثل توفير ألعاب تقليدية وكتب وأنشطة فنية.
  • تشجيع التواصل الاجتماعي:

حثّ على المشاركة العائلية في الأنشطة والألعاب بعيدًا عن الهواتف، مما يعزز الروابط العائلية ويخلق نتائج إيجابية تسهم في تقليل الميل لاستخدام الهواتف بشكل مبالغ فيه وإدمان الألعاب الإلكترونية.

  • تشجيع الرياضة:

ضع جهداً في تشجيع ابنك على ممارسة النشاطات البدنية، مثل الرياضة التي يستمتع بها أو المشي في الهواء الطلق، وهذا يساعد في تقليل الرغبة في قضاء وقت طويل أمام الهاتف.

  • التوعية:

قم بتوعية طفلك حول الأضرار المحتملة لإدمان الألعاب الإلكترونية وتأثيرها على صحته النفسية والاجتماعية، عن طريق مشاهدة فيديوهات تسلط الضوء على تجارب أطفال تأثرت سلباً بالإدمان على هذه الألعاب.

  • الاستعانة بأخصائي نفسي:

في حال استمرت مشكلة إدمان الهاتف والألعاب الإلكترونية وتأثيرها السلبي على حياة ابنك، يجب النظر في استشارة مختص في الصحة النفسية لتقديم الدعم اللازم والمساعدة في التغلب على هذه الصعوبات.

Continue Reading

أخبار

“معرض ‘خير مزارعنا لأهالينا’: جهود الزراعة المستمرة لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة في محافظة الجيزة”

Published

on

"معرض 'خير مزارعنا لأهالينا': جهود الزراعة المستمرة لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة في محافظة الجيزة"

تقدم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عرضًا خاصًا في معرض “خير مزارعنا” للمواطنين، يهدف إلى توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة.

يقدم المعرض، الذي يُقام في موقع الزراعات المحمية بحي الدقي في محافظة الجيزة، عروضًا خاصة على الطماطم، والجزر، والبطاطس، والخيار، والبرتقال بسعر 5 جنيهات للكيلو جميع الأصناف.

افتتح السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، معرض “خير مزارعنا لأهالينا” قبل بداية شهر رمضان، وبناءً على الإقبال الكبير من المواطنين، قرر استمرار المعرض حتى عيد الفطر. ومن ثم، نظرًا للإقبال المستمر، قرر مرة أخرى استمرار المعرض حتى شم النسيم.

وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تواصل جهودها في زيادة العرض من السلع الغذائية والمنتجات في معرض “خير مزارعنا لأهالينا”، تحت شعار “في حب مصر نلتقي”، بهدف تخفيف العبء عن كاهل المواطنين.

 

Continue Reading

البوابة الأخبارية

“جهود متواصلة لوزارة الداخلية المصرية في مكافحة الجريمة وضبط الأسواق”

Published

on

"جهود متواصلة لوزارة الداخلية المصرية في مكافحة الجريمة وضبط الأسواق"

تستمر الجهود الأمنية بشكل دائم في محاربة التلاعب بالأسعار ومراقبة الأسواق، بالتعاون بين قطاع الأمن العام والإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة ومديريات الأمن. خلال ال24 ساعة الماضية، تم ضبط حوالى 54 طن دقيق (أبيض، بلدى مدعم)، في عدد من المخابز السياحية الحرة والمدعمة، مما يعكس استمرار جهود وزارة الداخلية في حماية حقوق المستهلكين وضمان الإلتزام بالأسعار المحددة وعدم التلاعب بها.

قطاع الأمن العام، بالتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة ومديريات الأمن، نجح خلال الـ 24 ساعة الماضية في ضبط عدة قضايا تتعلق بـ “الإتجار” في العملات الأجنبية بقيمة مالية تقدر بحوالي 42 مليون جنيه. تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الصدد. تأتي هذه الجهود في إطار مواصلة الحكومة لمكافحة جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي والمضاربة في أسعار العملات، والتي قد تسبب تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني.

تكثف وزارة الداخلية جهودها في مواجهة الجرائم الإلكترونية، حيث تمكنت من ضبط فرد في الجيزة بتهمة سرقة حسابات المواطنين عبر منصة التواصل الاجتماعي “فيس بوك” والاستيلاء على صفحاتهم لابتزازهم. تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد وضبط المتهم وهو يقيم في دائرة قسم شرطة العمرانية بالجيزة، وضبط بحوزته عدد من الهواتف المحمولة والشرائح وسيارة خاصة. وقد تبين أن المتهم قام بارتكاب حوالي 23 جريمة مماثلة في عدة محافظات باستخدام نفس الأسلوب، حيث كان يستهدف الأشخاص لسرقة حساباتهم ومحاولة إجبار معارفهم على تحويل مبالغ مالية. وخلال التحقيقات، اعترف المتهم بممارسة هذا النشاط بهدف تحقيق أرباح غير مشروعة.

شنت وزارة الداخلية حملات مكثفة لملاحقة وضبط مروجي المخدرات، حيث واصل قطاع الأمن العام بالتنسيق مع مديريتي أمن (بورسعيد – مطروح) جهوده في محاربة تجارة المواد المخدرة والأسلحة غير المرخصة. تم ضبط عاطلين يمتلكان معلومات جنائية في قسمي شرطة “الضواحي – الزهور” وبحوزتهما كمية كبيرة من مخدر الحشيش بالإضافة إلى بندقية وطبنجة وعدد من الطلقات، كما تم ضبط عاطل آخر في قسم شرطة مطروح بحوزته كمية كبيرة من المخدرات. تقدر القيمة المالية للمواد المضبوطة بحوالي 4.5 مليون جنيه.

واستمرت وزارة الداخلية في تنفيذ حملات أمنية على مستوى الجمهورية، بهدف مكافحة جميع أشكال الجريمة والانحراف عن القانون، وذلك بناءً على توجيهات وزير الداخلية اللواء محمود توفيق. وقد أسفرت هذه الحملات عن ضبط 329 قضية متعلقة بالمخدرات، و200 قطعة من الأسلحة النارية، بالإضافة إلى تنفيذ 85985 حكم قضائي متنوع. تأتي هذه الجهود في إطار الاستمرار في تعزيز الأمن ومواجهة أعمال البلطجة وضبط الخارجين عن القانون، وتعزيز السيطرة الأمنية على المجتمع.

Continue Reading

تابعنا

Advertisement

تابعونا

mia casa

متميزة