المخالفات:

المخالفة هي الجريمة التي لا يزيد أقصى عقاب لمرتكبها على دفع 100 جنيه مصري على سبيل الغرامة.. وأشهر أنواعها مخالفات المرور -عدا تلك التي تزيد على 100 جنيه- كغرامة عدم ربط حزام الأمان (150 جنيه)؛ فإنها بذلك تدخل في تصنيف”الجنحة”..

والمخالفة لا عقاب فيها سوى بالغرامة.. وهذا لأنها عادة ما تكون على درجة من قلة الخطورة -ولا أقول انعدامها-بحيث لا تستوجب عقابًا أكبر من ذلك.

والشروع في المخالفة لا عقاب عليه؛ أي أن المواطن لو “كاد” أن يرتكب مخالفة وتم منعه لسبب أو لآخر -سواء كان السبب متعلقًا به أو بسبب خارجي- فلا عقاب عليه.

وعقوبة المخالفة تسقط عن مستحقها بعد مرور سنتين من الحكم بها، أو تقريرها لو كان الأمر بها فوريًا، وإذا لم يتم الأمر بها أصلاً؛ فإن الواقعة نفسها تعتبر كأن لم تكن بعد سنة واحدة، والمخالفة لا استئناف فيها..

الجُنَح:

الجُنحة هي الجريمة التي تبدأ أقل عقوباتها من غرامة أكبر من 100 جنيه، وتصل أقصى عقوباتها إلى الحَبس: وهو السجن لفترة من 24ساعة إلى ثلاث سنوات، وهي تشترك مع المخالفة في كون الغرامة تعتبر من عقوباتها..

والجرائم المصنفة كـ”جنح” هي جرائم بسيطة.. وهذا التعبير “بسيطة” لا يعني أنها تافهة مثلاً أو غير ذات خطورة؛ بل هو تعبير قانوني بحت؛ يعني: “الجريمة المباشرة غير المعقدة”.. ومنها جرائم مثل: “السرقة البسيطة” أي: السرقة بغير أية أعمال إضافية كالقتل أو البلطجة، وقد تم تصنيفه كجنحة بعد أن كان مجرد مخالفة لخطورته ولارتفاع معدل حوادث السيارات، وكذلك جريمتيّ “السَب”: وهو توجيه سباب جارح من مواطن لمواطن بشكل علني، و”القذف”: وهو توجيه اتهام بالباطل من مواطن لمواطن بشكل يجعل المجني عليه عرضة للازدراء ممن حوله بغضّ النظر عما إذا كان الاتهام بجريمة يعاقب عليها القانون أو بشيء يستنكره المجتمع، وهي -كما سلف الذكر- جرائم مباشرة جدًا.

والشروع في الجنحة معاقب عليه لو وُجِدَ نص في القانون يقرر ذلك، أما لو لم يوجد؛ فلا عقاب على الشروع..

وبالنسبة للجُنحة، فإن “العوْد” -أي تكرار الجريمة- يعتبر ظرفًا مشددًا للعقاب؛ فإن ارتكب شخص جنحة ثم كررها ثانية؛ فإن عودته للجريمة تعتبر أمرًا يدعو لتشديد العقاب عليه؛ بعكس المخالفة.

وبالنسبة للسقوط بالتقادم، فإن الجنحة تسقط عقوبتها عن المدان بها لو لم يتم تنفيذها عليه خلال خمس سنوات؛ أي بعد خمس سنوات من الحكم بها؛ أما إن لم تُقَم الدعوى الجنائية أصلاً فإن الحق في إقامتها يسقط خلال ثلاث سنوات.

وثمة ميزة في الجنحة عن المخالفة، هي أن الاتفاق الجنائي بين فردين أو أكثر على ارتكاب جنحة، هو أمر معاقب عليه، أما المخالفات فلا..

والجنحة بعد أن يقضي في أمرها القاضي المختص، يمكن إعادة النظر فيها من خلال محكمة الاستئناف، والتي تعيد النظر في الوقائع، ثم بعد ذلك محكمة النقض، والتي تختص بالنظر في كيفية تطبيق القانون على الواقعة محل النظر..

الجنايات:

الجناية هي أخطر أنواع الجرائم، ولهذا فإن عقوباتها هي الأغلظ والأشد..

والجناية هي كل جريمة تزيد عقوبتها عن الحبس لمدة ثلاث سنوات، وتصل لأقصى العقوبات وأقساها وهي عقوبة الإعدام، وذلك لما لهذا النوع من الجرائم من خطورة على المجتمع، ولأن مرتكبها عادة ما يكون صاحب طبيعة إجرامية خطرة، سواء كان معتادًا الإجرام أو مرتكبه لأول مرة.

وعادة ما تكون الجنايات”مركّبة”.. أي على شيء من التعقيد في أعمالها؛ كأن ترتبط بجريمة أخرى، أو أن تكون جريمة بعيدة المدى، أو أن يسبقها تخطيط وتدبير؛ مما يبرر غلظة عقوباتها..

من أشهر الجنايات جرائم: القتل – الاستيلاء على المال العام – البلطجة – التخابر مع جهة معادية – الاغتصاب – الإجهاض – الرشوة – الضرب المُفضي للموت – والاتجار في المخدرات.. وغيرها..

وقد تقترن الجناية بجريمة أخرى؛ كاقتران القتل بالسرقة، والتخابر بتلقي الرشوة، وإجهاض قد يفضي للموت، واغتصاب قد يقترن بالقتل أو بالخطف، واستيلاء على المال العام قد يرتبط بالرشوة أو التزوير.. إلخ.. واقتران الجناية بجريمة أخرى يعتبر ظرفًا مشددًا للعقوبة، ومغلِّظًا لها.. وقد تقترن جناية مثل القتل بأمرين هما سبق الإصرار: أي أن يثبت استعداد القاتل لفعل القتل، والترصد: أي مراقبة القاتل للمجني عليه أو انتظاره له، وهما ظرفان مشددان.

والشروع في الجناية معاقب عليه دون حاجة لنص ينص على ذلك، وكذلك فإن الاتفاق الجنائي على الجناية معاقب عليه وله ظروف تشديدية.. وكذلك العوْد للجريمة يُعتبر ظرفًا مشددًا لعقوبتها لو وقع فيها الجاني مرة تالية.

وعقوبة الجناية تسقط بالتقادم بعد عشرين سنة، عدا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بعد ثلاثين سنة، والدعوى الجنائية إن لم تُرفَع فإنها تسقط بعد مرور عشر سنوات..

بقي أن أقول: إن الجناية تقضي فيها محكمتها، ولا استئناف فيها؛ لكن يمكن الطعن في حكم المحكمة أمام محكمة النقض، بخلاف الجنحة..

ملاحظات مهمة:

– المخالفات والجُنَح لا يحقق فيها القاضي؛ بل يمكنه أن يقضي فيها بمقتضى محضر الاستدلالات، بعكس الجنايات التي ينبغي أن يحقق القاضي في أمرها بعناية شديدة..

– في حالة تخفيف العقوبة، قد تقل حتى تصل لما هو أقل من حدها الأدنى في نوعية جريمتها؛ فمثلا الجنحة قد يخفف القاضي غرامتها لمبلغ أقل من 100 جنيه؛ فهل هي بذلك تتحول لمخالفة؟ كلا، بل تبقى جنحة؛ فالعبرة بالعقوبة الأصلية لا بالظرف المخفف لها.

– في بعض الأحيان تسري قواعد قانون العقوبات المصري على من يرتكب جريمة خارج حدود البلاد.. هذا السريان يتعلق بنوعيْ الجُنَح والجنايات فحسب، وليس بالمخالفات.

– في الجنايات يقضي القاضي بما تراه أغلبية هيئة المحكمة، ما عدا أية جريمة عقوبتها الإعدام؛ فإن الحكم به يقتضي الموافقة التامة والكاملة ودون تردد لـ”كل” هيئة المحكمة؛ لأنها أقسى عقوبة معروفة.

– لا يوجد إيقاف تنفيذ في المخالفات؛ بل يقتصر على الجُنَح فحسب، وبشكل عام فإن إيقاف التنفيذ لا يجوز في أية جريمة يزيد أقل عقاب لها عن الحبس لمدة سنة.

– لو حرّكت النيابة العامة الدعوى الجنائية باعتبارها جنحة، وقررت المحكمة اعتبارها جناية، أو العكس؛ فإن العبرة بما تقرره المحكمة.

– في بعض الحالات تتغير طبيعة الجريمة من جناية لجنحة؛ كجريمة القتل فإنها لو ارتبطت بـ”واقعة شرف” وهي أن يفاجئ الزوج زوجته متلبسة بفعل الزنا فيقتلها أو يقتل من يزني بها أو يقتلهما معًا؛ فإن القتل هنا يعتبر جنحة، وعادة ما يقضي القاضي بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة، ويوقف تنفيذ العقوبة مراعاة للظرف النفسي والإنساني.

هكذا.. استعرضنا أهم وأبرز الفوارق بين الأنواع الثلاثة للجرائم في القانون الجنائي المصري.