اليهود يستندون إلى التوراة كمصدر رئيسي لدعم حقهم في فلسطين، ولكن يمكن استنتاج من نصوص التوراة نفسها بأنها تؤيد الرواية الفلسطينية. على سبيل المثال، تشير روايات التوراة إلى أن أصل اليهود ووجودهم يعود إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي فر هاربًا من العراق في بدايات الألف الثانية قبل الميلاد. وفي هذه الروايات، يظهر سيدنا إبراهيم عليه السلام في فلسطين مع مجموعة قليلة جداً من الأتباع، ولم يكن لديهم هدفًا في تكوين مجتمع أو دولة، بل جاؤوا بحثًا عن الحماية. وفي الواقع، لم يكن لديهم نية في الاستقرار في فلسطين، وهو ما تحقق عندما هاجر أحفاده (أبناء يعقوب عليه السلام) إلى مصر واستقروا هناك، ويُقال أن عددهم لم يتجاوز 70 شخصًا في أفضل السيناريوهات. تُذكر هذه القصة أيضًا في القرآن والتوراة، مما يلقي الضوء على التناقضات المحتملة بين الروايات الدينية ومطالب اليهود بالحق في فلسطين.

تقول روايات التوراة أيضًا إن بني إسرائيل هاجروا مع سيدنا موسى إلى فلسطين للهروب من فرعون في مصر. خلال هذه الرحلة، قضوا 40 عامًا في التيه في منطقة سيناء، بين حوالي 1500 ق.م إلى 1460 ق.م تقريبًا وفقًا لأقول الروايات. يُشير النصوص إلى أن هذه الفترة من التيه لم تكن في فلسطين، بل في أرض سيناء.

ثم قاد يوشع بن نون بني إسرائيل إلى فلسطين، حيث تم عبورهم إلى أريحا. في التدوينة القادمة.

عهد القضاة والملوك:

امتدت فترة القضاة والملوك لمدة قرن ونصف تقريبًا، حيث حكم اثنا عشر قاضيًا، ثم جاءت حكومة طالوت، ومن ثم دخلت فترة الملوك. تألفت هذه الحقبة من حكم النبي داود (1004-962 ق.م)، وبعد وفاته تولى الحكم سليمان (962-923 ق.م) الذي شيّد في عهده الهيكل. بعد وفاته، انقسمت المملكة إلى قسمين: مملكة يهوذا بعاصمتها “أورشاليم” ومملكة إسرائيل بعاصمتها “السامرة”.

يهوذا والسامرة:

تعرَّضت مملكة السامرة لتدمير من قِبَل الآشوريين في عام 722 ق.م، حيث تم سبي اليهود إلى العراق. أما مملكة يهوذا، فقد دمرها الاحتلال البابلي (الدولة الكلدانية) بقيادة الملك نبوخذ نصر في عام 586 ق.م.

اليهود في عهد الفرس واليونان والرومان:

في عهد الفرس واليونان والرومان، نجح الملك الفارسي قادش الثاني في تدمير بابل عام 539 ق.م، مما سمح لليهود بالعودة إلى فلسطين بشرط المساهمة في الحكم. بعد وفاة الإسكندر الأكبر، انقسمت فلسطين وشهدت صراعات، حيث اضطُر اليهود لاعتناق الديانة اليونانية بعد اضطهادهم تحت حكم الرومان.

انقطاع الوجود اليهودي:

قامت روما بتقمص السلطة في عام 64 ق.م، ورفض اليهود الهيمنة الرومانية، وشهدت فلسطين عدة محاولات للتمرد والثورة، ولكن تم قمع هذه الحركات. في النهاية، دمر الإمبراطور هادريان في عام 70 م “أورشاليم” وهيكلهم، وأسس مدينة جديدة على أنقاضها تسمى “إيليا كابوتلينا”.

بعد هذه الأحداث، انقطع الوجود اليهودي عن أرض فلسطين لمدة تقرب من ألفي سنة، حيث أصبحوا جزءًا طفيفًا من سكان المنطقة تحت حكم الفلسطينيين. ثم عادوا بصفة احتلال “إسرائيلي” في عام 1948، حيث قاموا بطرد السكان الأصليين وتشتيتهم في أرجاء الأرض. يظهر بوضوح أن الوجود اليهودي كان غير مستمر ولم يكن له تأثير حضاري دائم في فلسطين، بل كان وجودًا عابرًا في فترات محددة وبأعداد قليلة.

اترك رد

رسالتك علي الهوا