استمرار الانعكاسات الناتجة عن نجاح عملية زرع شريحة دماغية تطوِّرها شركة إيلون ماسك، يثير تساؤلات واستفسارات حول طبيعة التجربة، ودوافع المشروع، والنتائج المحتملة.
بعد تأكيد بعض الخبراء على نجاح التجربة وتحقيق نتائج إيجابية في علاج بعض الأمراض، مثل الشلل الرباعي والإعاقة البصرية والسمعية، حيث يمكن للمرضى استخدام الشريحة للتواصل ونقل احتياجاتهم، تظهر مخاطر أخرى قد تنبع من هذا التقدم. تتنوع هذه المخاطر بين الجوانب العسكرية والأمنية والاستخباراتية، حيث يعتبر الهدف النهائي هو السيطرة على عقول البشر وتوجيهها وفقًا لمن يتحكم في تلك الشريحة.
كشفت الدكتورة غادة عامر، عميدة كلية الهندسة في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والتدريسية في الكلية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، عن جوانب خطورة الشريحة. أكدت أن لها تأثيرات على تطبيقات الأمن القومي المتنوعة، حيث يمكنها السيطرة على أنظمة الدفاع السيبراني وطائرات بدون طيار، والتفاعل مع أنظمة الكمبيوتر لأداء مهام متعددة أثناء سيناريوهات معقدة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم في توسيع استخدام التقنيات العصبية في جمع الاستخبارات العسكرية، وتحليل الصور، والكشف عن التهديدات والخدع. وتتطور تكنولوجيا الشريحة للتعامل مع حالات إعاقة الخصوم، مما يجعلها تشكل تحديًا كبيرًا في مجالات الأمان والاستراتيجية.
تؤكد الخبيرة المصرية أن التجربة لها أبعاد أمنية وعسكرية خطيرة. وتزيد من قلقها حقيقة أن العديد من الشركات الخاصة والجيوش والمنظمات قامت بتمويل أبحاث في مجال التكنولوجيا العصبية. تشير إلى أن إنتاج هذه التقنية لم يكن مقتصرًا على البحوث التي قامت بها شركة “نيورالينك”، بل قامت الوحدات البحثية في جيوش الدول المتقدمة بتطوير تكنولوجيا الأعصاب بالفعل. وقد أطلقت مشروعات لتطوير واجهات الدماغ واستخدامها في التطبيقات العسكرية. يُشدد على استخدام الشريحة كبديل للحديث أو اليدين في التواصل بين القادة العسكريين والمقاتلين أثناء المعارك، مما يجعل الوضع يتجه نحو مستقبل يثير الكثير من التحديات والتساؤلات.
أشارت إلى وجود اهتمام كبير من قِبل العديد من الشركات الخاصة في مجال تكنولوجيا الأعصاب، وذلك بسبب التوقعات بأن لها سوقًا واسعة. وأشارت إلى مقال نُشر في عام 2018 يفيد بأن التقنيات العصبية قد شكلت سوقًا سنوية بقيمة 12 مليار دولار.
تعبر الخبيرة المصرية عن توقعها بأن التطبيقات الناتجة عن تلك التقنية قد لا تكون قابلة للسيطرة، وأنه من الصعب تصديق أن تكون استخداماتها مقتصرة على الأغراض الإيجابية فقط. وتؤكد أنه يمكن تصوّر استخدام التكنولوجيا العصبية لأغراض تدميرية، بخلاف استخدامها في التجسس على الأفكار أو غزوها بشكل متعمد، مما يفتح الباب أمام احتمالية سيطرة الآخرين على العقول.
أشارت إلى أن امتلاك ذاكرة مثالية يمكن أن يكون شيئًا إيجابيًا، ولكن الخطير يكمن في اختراق تلك الذاكرة وزرع ذكريات جديدة، أو حتى إخفاء وتلاعب الذكريات الموجودة. وركزت على أن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز ذكائنا يعد أمرًا رائعًا، ولكن إنشاء ذكاء اصطناعي قادر على التطور بشكل أذكى وأقوى منا يشكل كابوسًا. أكدت على أهمية التعرف العميق على تلك التكنولوجيا وبناء نظام حماية يعتمد على البحث العلمي لضمان التنمية المستدامة والمسؤولة.
أوضحت الخبيرة المصرية، غادة عامر، أن تركيب الشريحة تم باستخدام روبوت مخصص للجراحة العصبية. وقد تم إدخال آلاف الخيوط الدقيقة في الخلايا العصبية في الدماغ باستخدام هذا الروبوت. يتم توصيل هذه الخيوط بالشريحة التي تُغمر تحت الجلد في منطقة الرأس، وتكون متصلة بجهاز بلوتوث واقع خلف الأذن. وبهذا يصبح بإمكان الشخص التحكم في أي جهاز عبر التفكير فيه. وأضافت أن إيلون ماسك يعتبر أن ربط أدمغتنا بأجهزة الكمبيوتر يمكن أن يساعد البشر في التغلب على الإعاقات والإصابات، وأيضًا يمكنها المنافسة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي المعروفة، وهو أمر لا يمكن إنكار فوائده.