أردوغان يصل إلى مصر في أول زيارة رسمية منذ 11 عامًا لتعزيز التقارب وتحسين العلاقات

وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر يوم الأربعاء في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الحكم. تم استقبال الرئيس أردوغان وزوجتة بحفاوة من قبل الرئيس السيسي وزوجتة في مطار القاهرة الدولي، وتم نقل هذه اللقطات عبر وسائل الإعلام المصرية.

تأتي هذه الزيارة في إطار استمرار التقارب بين تركيا ومصر بعد فترة انقطاع دامت لمدة تقرب من 11 عامًا. خلال زيارته، يتوقع أن يجري الرئيسان مناقشات حول قضايا هامة، بما في ذلك وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتنفيذ المساعدات الإنسانية للسكان هناك. كما سيتم تناول مسائل أخرى تتعلق بتعزيز الروابط الثنائية بين البلدين، وستشمل المحادثات مواضيع إقليمية وتحديات مشتركة.

تأكد الرئاسة المصرية أن الرئيسين سيجرون محادثات موسعة لدفع الجهود المشتركة نحو تحسين العلاقات بين البلدين، وذلك في إطار تعزيز التعاون الإقليمي ومواجهة التحديات الراهنة.

أعلنت الرئاسة التركية يوم الأحد أن الرئيس أردوغان سيناقش في القاهرة خطوات لتعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز آليات التعاون رفيعة المستوى. سيتم التركيز أيضًا على مناقشة القضايا العالمية والإقليمية الراهنة، ولاسيما الوضع في قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية.

تأتي هذه الزيارة كتتويج لعملية تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر، حيث شهدت لقاءًا بين الرئيس أردوغان والسيسي خلال افتتاح كأس العالم في قطر عام 2022، وثمة لقاء آخر خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في سبتمبر من العام الماضي. في هذه اللقاءات، تم التأكيد على التزامهما بتعزيز الروابط والتعاون بين البلدين، وتعزيز العلاقات الدبلوماسية من خلال تبادل السفراء.

تأتي أهمية الزيارة في كونها أول زيارة رسمية لرئيس تركي إلى مصر على مدى نحو 11 عامًا، حيث كانت آخر زيارة لرئيس تركي إلى مصر هي تلك التي قام بها الرئيس السابق عبدالله جول في فبراير عام 2013.

وتُعتبر زيارة الرئيس أردوغان إلى القاهرة خلال فترة ولايته كرئيس وزراء في نوفمبر 2012 كانت آخر لقاء رسمي له في البلاد. يبرز أهمية هذه الزيارة في إطار جهود تعزيز التفاهم والتعاون بين البلدين بعد فترة من التوترات والقطيعة الدبلوماسية، مما يجعلها لحظة تاريخية تعكس تحولًا في العلاقات الثنائية بين تركيا ومصر.

وبعد تحسين مستوى العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة، بما في ذلك تبادل السفراء، كان هناك تكهنات حول زيارة متوقعة للرئيس المصري السيسي إلى تركيا في يوليو 2023. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه الزيارة حتى الآن.

قد تم رفع التمثيل الدبلوماسي بين مصر وتركيا إلى مستوى السفراء في العام الماضي، وذلك كجزء من جهود إعادة بناء العلاقات بعد فترة من القطيعة التي استمرت منذ عام 2013. وفي خطوة تعكس التقارب، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن موافقة بلاده على تزويد مصر بطائرات بيرقدار TB2 المسيرة القتالية. جاء هذا الإعلان بعد اجتماع بين وزير الإنتاج الحربي المصري ونظيره التركي لبحث التعاون في إنتاج الذخائر بشكل مشترك.

تُعد طائرة بيرقدار TB2 التركية من بين أفضل الطائرات المسيرة في العالم، حيث تتميز بقدرتها على حمل حمولة تصل إلى 650 كيلوغرام، وتمتلك مدى يصل إلى 150 كيلومترًا، وتستطيع الطيران بسرعة تصل إلى 70 عقدة (130 كيلومترًا في الساعة). تتميز أيضًا بقدرتها على الطيران لفترات طويلة دون انقطاع، حيث يمكنها البقاء في الجو لأكثر من 24 ساعة.

ملفات الخلاف بين القاهرة وأنقرة

يذكر أن الخلافات بين القاهرة وأنقرة عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، حيث تصاعد التوتر بين البلدين، ووصلت العلاقات إلى مرحلة القطيعة الكاملة نتيجة لملفات شائكة تصادمت فيها مصالحهما.

كان الصراع في ليبيا هو أحد ركائز الخلاف، حيث أثار الوجود العسكري التركي في ليبيا قلقًا في مصر بشأن تأثيره على أمنها القومي واستقرار المنطقة. تصاعد التوتر بشكل خاص في يونيو 2020، عندما هددت ميليشيات مدعومة من تركيا في الغرب الليبي بالتقدم نحو مدينة سرت، وفي تلك اللحظة أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن “خطا أحمر” يتعلق بخط سرت – الجفرة، مشددًا على عدم قبول مصر لتجاوزه.

وهناك خلاف آخر يتعلق بملف النفط والغاز في البحر المتوسط، حيث تتنافس البلدين على حصتيهما من هذه الثروات الطبيعية.

خطوات تحسين العلاقات

منذ مايو عام 2021، بدأت مصر وتركيا مباحثات على مستوى الأمن والاستخبارات بهدف استكشاف فرص تحسين العلاقات بينهما. قامت تركيا باتخاذ سلسلة من الخطوات لتأكيد حسن نواياها، من خلال استضافة عناصر ومنابر إعلامية تتبع لجماعة الإخوان.

ثم جاءت الخطوة الرئيسية بشكل تاريخي عندما قام الرئيسين السيسي وأردوغان بمصافحة بارزة على هامش حفل انطلاق كأس العالم في قطر في نوفمبر 2022، والتي وصفت بأنها لحظة تاريخية.

وفي يوليو من العام الماضي، أعلنت كل من مصر وتركيا استئناف العلاقات على مستوى السفراء، وجرى لقاء بين الرئيسين السيسي وأردوغان على هامش القمة العربية الإسلامية التي استضافتها السعودية في نوفمبر الماضي. تلك الأحداث تمثل خطوات إيجابية في مسار تحسين العلاقات بين البلدين.

اترك رد

رسالتك علي الهوا