"مؤامرة قاتلة: القصة الكاملة لجريمة قتل غامضة في مصر وقصص الخداع والانتقام"

هديل وعبدالسلام ويحيى جميعهم من سوريا، واللذين ارتكبوا في حقهم الجريمة ايضاً من سوريا، ولكن الأحداث تمت في مصر.

عند قراءة القصة، تشعر وكأنك داخل متاهة بسبب تعقيد التخطيط للجريمة. ومع ذلك، يجب أن تدرك منذ البداية أن هديل كانت العقل المدبر.

الجريمة وقعت في مصر عام 2013، ولكن لفهم القصة بشكل كامل، يجب أن نعود بالزمن عدة سنوات إلى الوراء.

في عام 2003، في سوريا، كانت هديل في سنتها الدراسية الأخيرة في كلية الطب وكانت طالبة مجتهدة للغاية. والدها كان يعيش في مصر منذ فترة طويلة، وقد قطع علاقته بأبنائه بعد طلاقه من زوجته، وكان من الواضح أنه يمتلك رؤية بعيدة المدى.

خلال فترة دراستها، كانت هديل تمتلك العديد من العلاقات المتشعبة، وكانت بارعة في كسب حب وود أي شخص تتعرف عليه. فقد كانت تبدو كفتاة مسكينة تعيش بعيدًا عن والدها الذي قطع علاقته بهم منذ صغرها، مما جعلها تعتمد على نفسها بشكل كامل. لهذا السبب، كان من الطبيعي أن يشعر الناس بالتقدير تجاهها ويتعاطفون معها ويرغبون في مساعدتها. ولكن يجدر بالذكر أن كل هذا لم يكن صحيحًا.

والدة هديل كانت لديها علاقات عديدة ومريبة، وهذا كان السبب وراء طلاق زوجها منها وسفره إلى مصر. كانت تدخل في هذه العلاقات لتحقيق نوع من المكاسب دائمًا. وقد نجحت في نقل هذه الصفات إلى ابنتها هديل، التي أتقنت فن الظهور بمظهر المرأة المسكينة والمغلوبة على أمرها، حتى تتمكن من الوصول إلى ما تريد وتحقيق أهدافها.

نعود إلى هديل، حيث كانت علاقاتها في الجامعة عادية، باستثناء علاقتها بزميلها فداء، والتي كانت مختلفة تمامًا. فداء كان يدرس الهندسة في نفس الجامعة، ونشأت بينهما علاقة إعجاب وحب. اتفقا على الزواج بعد انتهاء دراستهما. فداء كان يرى في هديل فتاة مجتهدة وشاطرة، ومسكينة تعيش معتمدة على نفسها بعدما تخلى عنها والدها هي وإخوتها منذ صغرهم. لهذا السبب، كان فداء مستعدًا لأن يكون لها زوجًا، حبيبًا، وأبًا يعوضها عن كل ما فقدته.

فداء كان من أصول مصرية، لكنه قضى حياته كلها مع والدته في سوريا، بينما كانت غالبية عائلته تعيش في مصر. لهذا السبب، كان يخطط بعد إنهاء دراسته الجامعية للسفر إلى مصر، سواء لاستكمال دراساته العليا أو للإقامة هناك بشكل دائم. هديل كانت ترى في فداء الفرصة المثالية لتحقيق حلمها بالسفر إلى مصر واستكمال دراستها في الطب هناك، وكانت تعتبره الشخص الأنسب لمساعدتها في تحقيق ذلك.

لم يكن للحب مكان في قلب هديل أو عقلها؛ كانت المصلحة هي أولويتها الأولى. بعد تخرجهما من الجامعة، تمت خطبتهما على الفور، وتزوجا بعد عام. استمرت هديل في دراستها للحصول على درجات علمية أعلى، متخصصة في طب النساء والتوليد. وبعد مرور عدة سنوات من الزواج، رزقا بطفلين. لكن بمرور الوقت، اتضح أن فداء كان شخصًا كسولًا إلى حد ما ولم يكن يمتلك ربع الطموح الذي كانت تتمتع به هديل. لم يكن يهمه السفر إلى مصر، وهذا كان عكس تمامًا ما كانت هديل تريده.

فداء كان ينفذ كل ما تطلبه هديل، فقد كانت تستمتع بالتحكم في الآخرين، وهذه كانت طبيعتها. كانت تقوم بكل ما تريده دون أن يجرؤ أحد على معارضتها أو الاعتراض عليها، باستثناء شخصية واحدة، وهي وفاء، أخت فداء. وفاء كانت قوية الشخصية ورفضت الزواج منذ البداية، لأنها كانت ترى في هديل شيطانة، وتعتقد أن أخاها لن يتمكن من التعامل معها. لذا، رغم سيطرة هديل على الجميع، كانت تتوقف تمامًا عند التعامل مع وفاء.

وفاء كانت تلتقي بهم على فترات متباعدة، حيث كان كل واحد منهم منشغلًا بحياته. لم تكن وفاء متزوجة وكانت تعيش في بيت أهلها، لذلك كانت تكتفي بالمكالمات اليومية للتواصل معهم. كانت تشعر أن أخاها فداء ليس سعيدًا في هذا الزواج، وكانت تدرك أن هديل تسيطر بشكل كبير على كل شيء. لكن طالما أن فداء لم يتحدث أو يشتكي، رأت وفاء أنه ليس من حقها التدخل دون سبب واضح.

في عام 2010، بدأت هديل تدرك أن تحقيق أحلامها بوجود فداء بجانبها قد يكون صعبًا. بالصدفة، تحدث أحداث صعبة في سوريا، مما يضطر فداء إلى نقل عائلته إلى مصر. أخيرًا، تحقق حلم هديل، حيث أصبحت دكتورة متخصصة في النساء والتوليد. الآن، تبحث عن طريقة للانفصال عن فداء لتعيش حياتها كما تريد، دون أن تهمها كونها زوجة وأم، بل تركز على مسيرتها المهنية كطبيبة.

طوال الوقت، كانت هديل تفكر في كيفية استغلال فداء لأقصى حد ممكن للحصول على المال، ثم الانفصال عنه وترك الأطفال له. ولكنها فوجئت بأن فداء أخبرها أن وفاء، أخته، ستأتي أيضًا إلى مصر وستعيش معهم. انتقلوا جميعًا إلى مصر وعاشوا في حي شعبي في 6 أكتوبر في شقة متوسطة، وذلك في منتصف عام 2011.

هديل بدأت تنفذ خطتها بدقة شديدة، مصممة على تحقيقها مهما استغرق الأمر من سنوات، طالما أنه لا يوجد دليل يثبت تورطها. استغلت ذكاءها ومهنتها في جميع جوانب خطتها. علمت أنها لن تتمكن من تنفيذ كل ذلك بمفردها، واحتاجت إلى شخص يساعدها، ولكن بما أنها لم تكن لها علاقات في مصر، كان لابد من بدء الخطوة الأولى: العثور على شخص طيب وسهل السيطرة عليه. تمنت لو كان هذا الشخص من سوريا لتشعر بالأمان أكثر، وبدأت رحلة البحث.

بعد مرور شهر، قررت العائلة زيارة منظمة حقوق الإنسان التي تقدم خدمات للمغتربين، بما في ذلك الخدمات الطبية. أثناء إتمامهم لأوراقهم هناك، تعرفوا على دكتور سوري يُدعى عبدالسلام. كان عبدالسلام قد عاش في مصر لسنوات، وغالبية عائلته في مصر أيضًا. كان شابًا مجتهدًا وطيبًا، وعندما رأته هديل، قررت أنه الشخص المناسب لمساعدتها في تنفيذ خطتها.

في ذلك اليوم، عادت هديل إلى المنزل مع بقية العائلة وكل ما كانت تفكر فيه هو كيفية التعرف على عبدالسلام بشكل أفضل. لاحظت أنه يبدو غير متمرس في الحياة كما لاحظت أنه يقدم لهم الكثير من المساعدة. استنتجت أنه قد يكون معجبًا بها أو ربما معجبًا بوفاء. إذا كان معجبًا بوفاء، فهذا سيكون مشكلة يجب عليها حلها سريعًا. لذا، قررت اتخاذ خطوات سريعة في هذا الاتجاه.

بدأت هديل تقسيم خطتها إلى مراحل وبدأت في تنفيذ المرحلة الأولى في اليوم التالي مباشرة. ما هي المرحلة الأولى؟ كانت نشر شائعات تقول إن فداء يعمل كقواد ويجلب النساء إلى المنزل، وأنه يشغل أخته وفاء في نفس النشاط، ويخطط أيضًا لتشغيل زوجته في نفس الموضوع مقابل أموال طائلة. وقد قوبل هذا الوضع برفض تام من قبل هديل لأنها امرأة محترمة، لكنها لم تجد حلاً آخر نظرًا لأنها مغتربة ولا تمتلك مكانًا آخر تلجأ إليه. لذلك، استمرت في العيش معهم حتى تتمكن من حل المشكلة بطريقة أخرى.

المرحلة الثانية من خطتها كانت تهدف إلى إقناع فداء بأنه يعاني من مشكلة صحية كبيرة. بما أن هديل طبيبة، كان من الطبيعي أن يثق بها فداء ووفاء ويصدقوا ما تقوله.

سنكتشف أهمية هذه المرحلة لاحقًا، لكن لنبدأ بالإجابة على السؤال المهم: لماذا تريد هديل التخلص من فداء؟ السبب هو أن هديل تدرك أن فداء يمتلك الكثير من المال، وترغب في ضمان حقها في الإرث. كانت تعرف أن الطلاق قد لا يكون في صالحها، وحاولت عدة مرات الحصول على المال منه، لكن وجود وفاء أخته كان يعرقل جميع محاولاتها، لأن وفاء كانت تفهم تصرفات هديل جيدًا.

خلال تنفيذ المرحلة الأولى، بدأت هديل بنشر الشائعات في المنطقة. رغم أن فداء لم يظهر عليه أي علامات تدل على ما يُقال عنه، وأن الكثيرين لم يصدقوا هذه الشائعات، إلا أن أداء هديل المتقن جعل الناس يصدقون القصة ويشعرون بتعاطف كبير معها، ويعتقدون أنها ضحية مظلومة في هذه الوضعية .عندما بدأ فداء يسمع الشائعات من الناس، لم يكن يعرف مصدرها، ولم يكن لديه أي شك في أن زوجته هي من وراء ذلك.

ما أهمية هذه الشائعات؟ سنكتشف السبب في المرحلة القبل الأخيرة. تبدأ هديل في المرحلة الثانية من خطتها بإيهام فداء بأنه يعاني من مرض خطير. في الحقيقة، كان فداء يعاني من التهاب في القولون فقط، لكن هديل أخبرته خلال الفحوصات الطبية التي أجرتها أنه مصاب بفيروس سي ويحتاج إلى علاج. أقنعته بأنها ستشرف على علاجه بنفسها، وضرورة الذهاب إلى الجمعية التابعة لمنظمة حقوق الإنسان لبدء العلاج.

عندما وصلوا إلى العيادة، قابلوا الدكتور عبدالسلام. خلال أقل من ساعة، تمكنت هديل من إقناعه بأنها معجبة به وأن حياتها مدمرة وتعيش في كابوس لا تعرف كيف تخرج منه. كان عبدالسلام سريع التأثر بها، وأصبح من السهل السيطرة عليه. في تلك اللحظة، فهِمت هديل فداء بأنها تتحدث مع الدكتور لشرح حالته ووضع خطة علاج مناسبة. على الرغم من أن عبدالسلام كان يعرف أن فداء يعاني من التهاب في القولون فقط، قالت هديل إنها ستشرف على علاج زوجها في المنزل وستعطيه الأدوية.

هديل اشترت علاجًا آخر تمامًا، وظيفته إضعاف وظائف الكلى والكبد وأداء الجسم بشكل عام. بدأت في تنفيذ خطة العلاج، حيث كانت تعلق المحاليل لزوجها يوميًا وتدعمه بالدعاء بالشفاء. وكان فداء يصدقها تمامًا ويعتمد على علاجها.

خلال هذه الفترة، بدأت هديل تقوي علاقتها بالدكتور عبدالسلام بشكل كبير. كان فداء يعرف أن عبدالسلام هو الطبيب المحترم الذي قابلهم وكتب له العلاج.

مرت أربعة أشهر، وأصبحت العلاقة بين هديل وعبدالسلام قوية للغاية، وتحولت من علاقة مصلحة إلى حب حقيقي. اتفقوا على الزواج، وطلب عبدالسلام من هديل أن تطلق من فداء. ولكن هديل أخبرته بأنها لا تستطيع الطلاق الآن، لأنها ستخسر كل شيء، وأنهم يجب أن يتخلصوا من فداء أولاً، حيث كانت قد رتبت كل شيء لهذا الغرض.

في تلك الفترة، كان عبدالسلام ينفذ كل ما تقوله هديل. عرف منها عن المرحلة الثانية من الخطة، التي تتضمن إيهام فداء بأنه يعاني من مرض خطير، وكذلك كيفية سيطرتها على وفاء أخته بأي وسيلة ممكنة.

في هذه الفترة، وعد عبدالسلام هديل بأنه سيساعدها في كل شيء. عادت هديل إلى المنزل ثم تعمدت ان تدخل في شجار كبير مع فداء، لكي تغادر المنزل. بدأت هديل بالتعريف للناس والجيران بأنها لم تعد تتحمل الحياة القذرة، وأن زوجها يعمل كقواد ويشغل أخته في الدعارة. وفعلاً، غادرت المنزل، ونتيجة لذلك، انتشرت الشائعات حول أن فداء هو قواد ويشغل أخته في هذا النشاط، بينما زوجته الشريفة تركت المنزل بسبب هذه الظروف.

ما حدث هو أن هديل أخبرت فداء أنها ستذهب للإقامة مع إحدى منظمات حقوق الإنسان حتى تهدأ الأمور بينهما قليلاً. لكن الحقيقة هي أنها ذهبت إلى منزل عبدالسلام، حيث شرحت له الخطة الكاملة. بهذا، بدأت هديل المرحلة الثالثة من خطتها، والتي تُعتبر قبل الأخيرة.

المرحلة الثالثة من خطة هديل هي التخلص من فداء وأخته بعد نشر الشائعات. ستوهم الناس ورجال الأمن بأن فداء قد سئم من حياته وقرر قتل أخته ثم الانتحار. نظرًا لسمعتهم السيئة، سيتقبل الناس ورجال الأمن القصة بسهولة. ولكن هناك شرط مهم: يجب أن تكون وفاء مذبوحة وهي ترتدي ملابسها الداخلية، وفداء يجب أن يتم تقطيع شرايينه، وتكون بصماته موجودة على السكين.

عبدالسلام سمع الخطة وبدأ يفكر في كيفية تنفيذها، ووجد أنها صعبة للغاية إذا حاول القيام بها وحده. لكن هديل طمأنته، مؤكدةً أن كل شيء جاهز. أخبرته أن يحيى، ابن خالتها، سيأتي إلى مصر في أقل من شهر وسيساعدهم في كل ما يحتاجونه.

في ذلك الوقت، وبسبب السمعة السيئة التي لحقت به، قرر فداء ترك المنزل والانتقال إلى مكان آخر داخل منطقة 6 أكتوبر. بالطبع، عندما علمت هديل بذلك، بدأت تزورهم كل يوم تحت ذريعة تقديم العلاج لزوجها، بينما كانت تستمر في نشر الشائعات.

وصل يحيى، ابن خالة هديل، إلى مصر وأقام معهم، حيث اتفقوا على جميع تفاصيل الخطة. ولكن كان لديه شرط وهو الحصول على مقابل مالي. وعدته هديل بأنها ستعطيه مبلغًا جيدًا بعد أن تحصل على الإرث. أما بالنسبة لأطفالها، فقد كانوا مع هديل طوال الوقت، لكنهم لم يكونوا على دراية بما يحدث.

مرت أربعة أشهر أخرى، وتدهورت حالة فداء الصحية بشكل مستمر. لم يكن لديه ثقة سوى في هديل ودكتور عبدالسلام، اللذين كانوا يوهمونه بأن هذا التدهور هو جزء طبيعي من حالته الصحية وأنه سيشعر بتحسن خلال بضعة أشهر.

في نفس الوقت، أوهمت هديل وفاء بوجود دواء جديد لإنقاص الوزن، حيث كانت وفاء ترغب في إجراء عملية تجميل، وتحديدًا نحت قوام. للأسف، وثقت وفاء في هديل، التي أخبرتها أن الدواء يأتي على شكل حقن تُعطى عبر المحاليل.

حين جاء وقت المرحلة الرابعة والأخيرة، دخل دكتور عبدالسلام إلى الصيدلية واشترى أدوية مخدرة، ثم أعطاها لهديل. صعدت هديل إلى شقتها بثقة كاملة، حيث كان الجميع يعرف أنها تأتي لتقديم العلاج لزوجها، وأنها امرأة ذات سمعة طيبة. قامت بتعليق المحاليل لزوجها وأخته، وفي غضون نصف ساعة فقط، أصبح الاثنان في حالة تخدير تام.

غادرت هديل من البيت، وبعد ساعة، ذهب عبدالسلام ويحيى إلى المنزل لتنفيذ الخطة. دخل يحيى الغرفة، خلع ملابس وفاء وقتلها، ثم نقل جثتها إلى الصالة. بعد ذلك، قام عبدالسلام بذبح فداء، لكنه نسي تقطيع شرايينه كما كان متفقًا. لم يعرف يحيى ماذا يفعل في هذه الحالة، لكنهم قرروا الاستمرار. قاموا بإزالة جميع المحاليل الطبية، وأخذوا السكين، وسرقوا جميع الهواتف المحمولة، والأموال، والمجوهرات من وفاء، ثم غادروا المنزل.

عبدالسلام لم يكن يعرف كيف يواجه هديل بعد أن غيّر الخطة تمامًا، لكن هديل طمأنته بأن سمعتهم السيئة تجعل أي شخص يشتبه فيه في مثل هذه الحالة إذا حدثت أي خلافات حول المال مثلاً. أهم شيء كان التخلص من السكين والهواتف المحمولة بسرعة. نزل يحيى لبيع الهواتف المحمولة، بينما قام هديل وعبدالسلام بإلقاء السكين في النيل.

مرت أربعة أيام، وواصلوا التصرف بشكل طبيعي أمام الناس. في الوقت نفسه، بدأ الجيران يشعرون برائحة كريهة تنبعث من شقة فداء، حيث لم يروا أحدًا من سكان الشقة منذ فترة طويلة. اتصلوا برجال الأمن، الذين حضروا إلى الشقة ووجدوا الجثتين ملقاتين جنبًا إلى جنب. علم رجال الأمن من الجيران أن الجثتين تعودان إلى فداء وأخته، ولاحظوا وجود علامات على عملية سرقة واضحة في المنزل بسبب الأدراج المفتوحة. عرف رجال الأمن من الجيران أيضًا أن سمعتهم كانت سيئة وأن زوجة فداء انفصلت عنه بشكل ودي.

لم تعثر فرق المعمل الجنائي على أي بصمات غريبة في مسرح الجريمة، وذلك لأن عبدالسلام ويحيى كانا يرتديان قفازات. تم نقل الجثتين إلى الطب الشرعي، واستُدعيت هديل، التي صُدمت من الخبر لأنها أظهرت تمثيلًا متقنًا. أخبرت رجال الأمن بأنها تركت المنزل لأنها لم تكن قادرة على تحمل الحياة القذرة، وأدلت بأقوالها.

لاحظ رجال الأمن أن الشائعات التي انتشرت مصدرها الوحيد هو زوجته، ولا يوجد أي شاهد عيان على الأحداث. بدأت الشكوك تساور رجال الأمن، لكن لم يكن لديهم دليل يدحض رواية هديل.

وصل تقرير الطب الشرعي، والذي أشار إلى أن فداء ووفاء تلقيا كمية كبيرة من المخدر عبر الحقن في الدم، مما يعني أن شخصًا ما قد قام بإعطائهما المحاليل الطبية. كانت هناك علامات على ذراعيهما تدل على مكان الحقن. أضاف التقرير أن الوفاة حدثت بعد التخدير، وأن كلا الضحيتين ماتوا نتيجة الذبح وجروح عميقة في الرقبة.

الأمر الأهم هو أن وفاء لم تتعرض لأي اعتداء، رغم أنها كانت مقتولة بملابسها الداخلية.

في نفس الوقت، وصل تقرير تفريغ كاميرات المراقبة، الذي أظهر أن الدكتورة هديل وصلت إلى الشقة قبل وقت الوفاة، تحديدًا في فترة الظهر، وبقيت هناك حوالي نصف ساعة، ثم غادرت يدها خالية. بعد ساعة، وصل اثنان من الشباب إلى الشقة، وبعد ساعة أخرى، غادرا بسرعة وكأنهما كانا يهربان.

استُدعيت هديل مرة أخرى وسُئلت عن ظهورها في كاميرات المراقبة. أجابت ببساطة أن جوزها مريض بفيروس سي، وبرغم الخلافات بينهما، كانت تتابع علاجَه وتعلق له المحاليل قبل أن تغادر على الفور. قدمت إثباتات بأنها كانت في المستشفى خلال ذلك الوقت. أشارت إلى أنه من الواضح أن هناك شخصًا انتقم من جوزها وأخته، مشيرةً إلى أنهم كانوا في خلافات مع العديد من الأشخاص، خاصةً بسبب مشاكل مالية.

عندما عاد رجال الأمن إلى تقرير الطب الشرعي للتحقق من إصابة فداء بفيروس سي، اكتشفوا أنه لم يكن مصابًا بأي نوع من أنواع الفيروس. وفي الوقت نفسه، بعد التحريات، اكتشفوا أن الشابين اللذين ظهرا في كاميرات المراقبة هما دكتور عبدالسلام ويحيى. وُجد أن يحيى هو قريب لهديل، وأن عبدالسلام هو الطبيب وعشيقها. بتجميع كل هذه المعلومات والأدلة، بدأت الأمور تنكشف، وبدأ رجال الأمن في ربط الأدلة لحل الجريمة.

تم استدعاء الشباب واعتُقلت هديل. عند وصولهم، اعترف يحيى على الفور بكل شيء، موضحًا أنه قرر مساعدتها لأن جوزها كان يضربها ويعذبها. وقال أيضًا إنه بسبب عمله في الدعارة، أصيب بفيروس الإيدز وكان يخشى أن ينقل العدوى لها. كشف يحيى أن المشكلة الكبرى كانت أن عبدالسلام نسي قطع شرايين فداء وبدلاً من ذلك، قام بذبحه. عبدالسلام حاول إنكار التهم، لكن يحيى فضح كل التفاصيل. اضطرت هديل في النهاية للاعتراف بكل شيء. تبين أن المعلومات التي كان يحيى يعرفها كانت غير صحيحة، فلم يكن فداء يضربها، ولا كان لديه فيروس الإيدز، ولا كان يعمل في الدعارة. لكن في النهاية، تم الحكم على الثلاثة بالإعدام.

اترك رد

رسالتك علي الهوا