"إحياء ذكرى المولد النبوي: كيف نحتفل ونتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفقاً لفتاوى دار الإفتاء"

مع اقتراب المولد النبوي الشريف 2024، يكثر البحث عن الأعمال والسنن التي تعزز إحياء هذه المناسبة العظيمة. من بين هذه الأعمال، يتساءل الكثيرون عن كيفية اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده، وذلك استجابةً لقول الله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾. فقد قرن الله طاعته بطاعة رسوله، مما يعكس أهمية الالتزام بسنة النبي في كل الأوقات، وخاصة في هذه المناسبة المباركة.

ذكرت دار الإفتاء أن المولد النبوي الشريف يُمثل تجسيدًا للرحمة الإلهية في تاريخ البشرية بأسره. فقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين، وهذه الرحمة لم تقتصر على فترة زمنية معينة، بل شملت تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، مما ساهم في تقدمهم على الصعيدين المادي والمعنوي. كما أن هذه الرحمة لا تقتصر على أهل زمان النبي فحسب، بل تمتد لتشمل كل العصور حتى نهاية الزمن، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: 3].

وأضافت أن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين، نبي الرحمة وغوث الأمة، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يُعتبر من أفضل الأعمال وأعظم القربات. فهو يعبر عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويعكس محبته التي تُعدُّ من أصول الإيمان.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه وَوَلَدِه وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ» كما رواه البخاري.

كيف نطيع الرسول في ذكرى مولده؟

أفادت دار الإفتاء المصرية بأن طاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واجبة، وهي جزء من طاعة الله سبحانه وتعالى. لذلك، قرن الله عز وجل طاعة رسوله بطاعته، وجعل من يُطِعِ الرسول فقد أطاع الله، كما قال سبحانه: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ [النساء: 80]. ولذا، يجب علينا طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتجسد طاعة النبي في ذكرى مولده من خلال تنفيذ ما أمر الله ورسوله به، والابتعاد عن ما نهى الله ورسوله عنه.

وأكدت دار الإفتاء المصرية أن القرآن الكريم قد حدد لنا الطريقة المثلى في قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]. يتعين علينا الالتزام بالحدود التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خلال ما أمر به وما نهى عنه، واتباع منهج حياته والسير على هديه لنسعى لإرضاء النبي في قبره. في احتفالاتنا، يجب علينا الالتزام بالآداب والمبادئ الإسلامية التي جاء بها النبي، والابتعاد عن الفتن وإثارة الشهوات والاختلاط غير اللائق بين الرجال والنساء. كما ينبغي علينا نشر الأخلاق النبيلة والقيم الرفيعة بين أبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا. من خلال هذه الالتزامات، نكون قد أطعنا الله ورسوله، وسعدنا في حياتنا الدنيا والآخرة إن شاء الله، لنتحقق من رضوان الله. وما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا، وما أقبح الكفر والإفلاس.

هل احتفل السلف الصالح بالمولد النبوي؟

أضافت دار الإفتاء في فتوى حول الاحتفال بذكرى المولد النبوي أنه منذ القرن الرابع والخامس، درج سلفنا الصالح على الاحتفال بمولد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. كان الاحتفال يتضمن إحياء ليلة المولد من خلال مختلف القربات مثل إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد أشار إلى ذلك عدد من المؤرخين البارزين مثل الحافظين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي، رحمهم الله تعالى.

اترك رد

رسالتك علي الهوا