"يوم عاشوراء: فضله وأحكامه وفضل صيامه"

يوم عاشوراء:

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر مُحرَّم، وهذا ما اتفقت عليه جماهير العلماء استنادًا إلى الأحاديث الواردة بهذا الخصوص والدلالات اللفظية التي تدعمه. ومن بين هذه الأدلة ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ). وهذه إشارة واضحة إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم اليوم العاشر من محرّم، وكان يعتزم صيام التاسع بالإضافة إلى العاشر لرغبته في مخالفة اليهود والنصارى الذين كانوا يعظمون اليوم العاشر فقط.

سبب تسمية يوم عاشوراء بهذا الاسم:

لفظ عاشوراء مأخوذ من “عاشر” ويعبر عن التعظيم والمبالغة. في الأصل، كان هذا اللفظ صفةً لليلة العاشرة من شهر مُحرّم، لكنه أصبح يُستخدم للإشارة إلى اليوم العاشر نفسه، فيقال: يوم عاشوراء، أي يوم الليلة العاشرة. وقد تنوعت آراء العلماء حول سبب تسمية هذا اليوم بعاشوراء؛ فقال البعض لأنه اليوم العاشر من مُحرّم، بينما قال آخرون إنه اليوم الذي أكرم الله فيه عشرة أنبياء بعشر كرامات، وهناك من قال إنه عاشر كرامة أكرم الله بها هذه الأمة.

أهمية يوم عاشوراء وفضله:

يوم عاشوراء من أيام الله المشهودة، وله شأنٌ عظيم في قلوب المؤمنين. في هذا اليوم يستحضر المؤمنون نصرة الله تعالى لأنبيائه، ويتذكرون أن الله -سبحانه- نجّى موسى -عليه السلام- من فرعون وجنده، وأغرقهم، وكفّ أذاهم عن موسى ومن آمن معه. هذا المشهد يُرسّخ الإيمان بالنّصر والتمكين في قلوب الصابرين على دينهم. وكان موسى -عليه السلام- يصوم هذا اليوم شُكراً لله -سبحانه- على نعمته وفضله.

كما كان أهل الكتاب يعظّمون هذا اليوم ويصومونه، وكانت قريش قبل الإسلام تصومه، بل جعلوه ميقاتاً لتجديد ستور الكعبة، وكأنّ الشرائع تتابعت على صيام هذا اليوم. وصامه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وأمر بصيامه قبل أنْ يُفرض صيام شهر رمضان. فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ).

كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والمسلمون يصومون يوم عاشوراء حين هاجروا إلى المدينة المُنوَّرة قبل فرض صيام رمضان، ثمّ خيّرهم النبيّ في صيام عاشوراء بعد أن فرض الله عليهم صيام رمضان. وقد أخرج الإمام مسلم عن أبي قتادة -رضي الله عنه- في بيان فضل صيام عاشوراء: (صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ).

ما يُستحَبّ في يوم عاشوراء:

  • يُستحبّ للمسلم صيام يوم عاشوراء، وكذلك صيام يومٍ قبله أو يومٍ بعده. فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ). وذكر ابن القيّم -رحمه الله- أنّ صيام يوم عاشوراء يمكن أن يكون على ثلاث مراتب: أكملها صيام التاسع والعاشر والحادي عشر من مُحرَّم، ثمّ صيام التاسع والعاشر، وأخيراً صيام العاشر فقط. وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه لا يكره إفراد عاشوراء بالصيام.
  • يوم عاشوراء هو مناسبة مباركة يُستحب إحياؤها بالعبادات وسائر الطاعات. كما يُستحب للمسلم أن يتوسّع في هذا اليوم على أهله وأرحامه والفقراء.

أفضل دعاء يوم عاشوراء:

يستحب ترديد دعاء: “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم.

  • اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار.
  • اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
  • اللهم طهرني من الذنوب والخطايا اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
  • اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
  • اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.
  • إلهي كم من شيء غبت عنه فشهدته فيسرت فيه المنافع، وحفظت عني فيه الغيبة، ووقيتني فيه بلا علم مني، ولا حول ولا قوة الا بك، فلك الحمد على ذلك.
  • اللهم كم من شيء غبت عنه فتوليته وسددت فيه الرأي، وأعطيتني فيه القبول، وأنجحت لي فيه الطلبة، وقويت فيه العزيمة، وقرنت فيه المعونة، فلك الحمد إلهي كثيرًا، ولك الشكر يا رب العالمين.
  • اللهم صلى على محمد النبي الأمي الرضي المرضي النقي المبارك التقي الزكي المطهر الوفي وآل محمد الطيبين الأخيار، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
  • سبحان اللهم وبحمدك، لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، أنت إلهي موضع كل الشكوى، ومنتهى الحاجات وأنت أمرت خلقك بالدعاء، وتكلفت لهم بالإجابة إنك قريب مجيب سبحانك اللهم وبحمدك، ما أعظم اسمك في أهل السماء، واحمد فعلك في أهل الأرض.

لا تعليق

اترك رد