Site icon راديو مصر

هل اشتريت سلاحاً؟

قبل نحو ثلاثة أسابيع، فوجئت بأحد الأصدقاء يتصل سائلاً: هل لديك سلاح في منزلك؟ فأجبت بالنفي؛ فعاد يسأل: وهل تريد سلاحاً؟ فقلت له: ترخيص السلاح يحتاج إلى صبر أيوب، الذي لا أملكه.. علّق ساخراً: “ترخيص إيه يا حاج.. الجميع يشتري الآن السلاح غير المرخص”.نسيت هذه الحكاية؛ حتى فوجئت بصديق آخر يقول لي: إنه يسعى لشراء سلاح بأي طريقة؛ لأن الوضع لم يعد يحتمل، ثم بدأ يسرد قصته..هو يسكن في شارع متفرع من شارع فيصل، فوجئ هو وسكان عمارته بمجموعة من البلطجية يحاولون فرض إتاوة على العمارة.صديقي هدّد العصابة بأنه سيسجنهم؛ فردّ عليه أحدهم: “يا باشا أنا مسجل خطر”.. احتدم النقاش؛ فلم يجد سكان العمارة سوى الإمساك بكل ما تيسّر من عصي أو طوب ومهاجمة العصابة الصغيرة، التي قررت الانسحاب التكتيكي.. صديقي لم يعد يشعر بالأمان، ويخشى أكثر على سيارته التي أنفق على شرائها كل مدّخراته.

الصديق وقبل أن ينزل لمواجهة البلطجية فَعَل الشيء المنطقي، وهو الاتصال بالنجدة؛ لكن أحداً لم يردّ.

في اليوم التالي ذهب إلى القسم، وقابله أمين شرطة، وقال له بهدوء: “شفت يا باشا نتيجة ثورتكم.. اشربوا بقه”!

قال له الصديق: وما هو دوركم؟ فرد الشرطي: سأطبق لك القانون: وسنذهب لإحضار البواب ونحوّله إلى النيابة، وينام في الحبس أربعة أيام حتى يتعرف على العصابة، ولا نملك أكثر من هذا.

أمين الشرطة قال لهذا الصديق بصورة ودية خارج القسم: “قبل ثورتكم كنا نعرف كل هؤلاء المسجلين خطر، ولو فعلوا أي شيء نحضرهم فوراً، وبعد علقة وتشبيحة، يعترفون بأي شيء نريده. الآن يضيف أمين الشرطة: فإن المسجل خطر يقف على الناصية ممسكاً بالمطواة وكأنها ميدالية كي يحاول أن يثبت لي أنه يكسر عيني”.

انتهى كلام أمين الشرطة، الذي أصاب صديقي بصدمة، فكّر بعدها في شراء أي سلاح غير مرخص؛ لكن الذي لم ينته هو أن هذه النغمة التي يردّدها أمين الشرطة ومعظم رجال الشرطة، خاطئة ومغلوطة، والأخطر أن بعضهم يبدو وكأنه سعيد بهذه الفوضى تأديباً لهذا الشعب الذي قام بالثورة. ومع الأسف؛ فإن بعض رجال الشرطة -وليس كلهم- يريد منا “أن نعتذر له عن قيامنا بالثورة، ونبوس إيده، حتى يعود للعمل كي يضربنا على قفانا ويهين كرامتنا كثمن للقضاء على البلطجية”.

كل الخارجين على القانون وصلت لهم رسالة من الشرطة مفادها: إننا لسنا هنا، وحتى إذا كنا موجودين فلن نتدخل مثلما حدث فى مباراة الزمالك والإفريقي التونسي.

ما حدث لصديقي أسمع مثله عشرات القصص يومياً؛ عمليات خطف بعضها لفتيات طلباً لفدية أو للاغتصاب، كل شخص يطبق القانون بطريقته في كل مكان من وسط البلد إلى الأماكن النائية. ووصلت عمليات البلطجة إلى اقتحام المستشفيات وخطف الأدوية والممرضات؛ بل وقتل المرضى “تخليصاً لثأر”.

الشرطة غائبة، والجيش يقول: إنه غير مهيأ للانتشار في الشوارع والحواري؛ بل والتعامل مع المجرمين..

والمواطنون يشعرون بعدم الأمان. لا نريد من الشرطة أن تنتهك حقوق الإنسان حتى مع البلطجية؛ بل تطبق القانون فقط.. لا نريد تواجدها الشكلي؛ بل عدالتها وهيبتها للجميع.

الشعب يسأل منصور العيسوي، وعصام شرف، والمشير حسين طنطاوي: متى نشعر بالأمن والأمان.. ومتى تعود الشرطة لأداء عملها؟!

Exit mobile version