ما أشبه الليلة بالبارحة.. ها هو بول بوجبا يطلب الرحيل من جديد عن مانشستر يونايتد بعد 4 سنوات من قدومه كأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم في صيف 2016 بمبلغ مالي وصل إلى 89 مليون جنيه إسترليني وهو ما يوازي وقتها بـ105 مليون يورو حصل عليهم يوفنتوس الإيطالي.. وهى بالفعل سخرية القدر.. أن اليوفي أيضاً هو المرشح الأقرب والأوفر حظا في التعاقد مع بوجبا مرة أخرى وربما في ظروف مشابهة لما حدث في 2012 في مشهد يعيد للأذهان الرحيل المثير للجدل للنجم الفرنسي عن الشياطين الحمر منذ 8 سنوات.

بوجبا الذي أينما حل أثار الجدل بطبيعة شخصيته منذ الصغر.. بل أن بداية إثارته للجدل مبكرا بدأت بانتقاله المثير إلى مانشستر يونايتد في صيف 2009 وهو في سن الـ16 عاما.. فرغم أن نشأة بوجبا كانت في فرنسا مقدما أوراق اعتماده كموهبة شابة قادمة بكل قوة في الأكاديميات وأندية بلدته بجانب انتقاله إلى أول فريق احترافي في مسيرته وهو لو هافر الفرنسي في 2007.. إلا أن “الناشئ بوجبا” لم يختلف كثيرا عن بوجبا بطل العالم الحالي مع منتخب فرنسا.. فبعد اتفاق بوجبا ووالديه مع لو هافر على أن يوقع اللاعب عقدا احترافيا مع النادي الفرنسي فور وصوله لسن معين.. تفاجئ لو هافر بإعلان بوجبا رحيله إلى أكاديمية مانشستر يونايتد ضاربا بإتفاقه الساري مع النادي الفرنسي عرض الحائط.. ليخرج لو هافر بـ بيان رسمي ينتقد فيه مانشستر يونايتد وعائلة بوجبا ثم يرد النادي الإنجليزي بتهديده بمقاضاة النادي الفرنسي.. وبعد صراعات استمرت نحو عام كامل في الفيفا.. قرر الفريقان الاتفاق على ترضية سرية أنهت الجدل حول انتقال بوجبا المثير إلى قلعة الشياطين الحمر.

ورغم أن السير أليكس فيرجسون لم ينتظر كثيرا لتصعيد بوجبا إلى الفريق الأول لـ مانشستر يونايتد تحديدا في فبراير 2011 بكأس الاتحاد الإنجليزي.. بل وصل الأمر لإعلان فيرجسون بشكل رسمي وقبل بداية موسم 2011-2012، أن بوجبا سيشارك مع الفريق الأول في ذلك الموسم مشيرا إلى أن عقد اللاعب سينتهي قريبا ويجب إعطائه الفرصة لإثبات نفسه وأحقيته بتجديد عقده.. إلا أن بوجبا بالفعل شارك مع الفريق الأول في ذلك الموسم ولكن في 7 مباريات فقط بواقع 3 في البريميرليج (68 دقيقة) و3 في كأس الرابطة (100 دقيقة) و27 دقيقة فقط في الدوري الأوروبي.. وهو لم يكن كافيا.. ولأن هناك كان ينتظر مينو رايولا “وكيل بوجبا” الذي وقع معه بوجبا في سن الـ18 عاما والذي قام بدوره بالاشتراط على فيرجسون اللعب أساسيا لتجديد عقد بوجبا مع الشياطين الحمر وهو ما رفضه فيرجسون جملة وتفصيلا… ليقرر ابن الـ19 عاما الرحيل عن نادي طفولته وترك كل أحلامه باللعب أساسيا في مانشستر يونايتد وصعود من أكاديمية الفريق ليكون القلب النابض للفريق الأول ويشد الرحال إلى يوفنتوس الإيطالي في صفقة مجانية كلفت البيانكونيري مليون ونصف جنيه إسترليني كحقوق الرعاية للنادي الإنجليزي.

ليخرج فيرجسون عن صمته متحدثا عن بوجبا بل ويحكي تفاصيل ما حدث في سيرته الذاتية حيث قال “كان أفضل لاعب بعمر الـ18 عاما رأيته في فترتي مع مانشستر.. ولكن الشخصية أهم من الموهبة.. كان يتجول في المكان كأنه يملكه.. أذكر في يوم أنه لعب مباراة مع الفريق الرديف بـ بدلة رياضية “ماركة جوتشي” ونظارة شمسية.. قمت بتغريمه وإلقاء بدلته الرياضية في سلة القمامة.. مانشستر يونايتد أصبح أفضل بعد التخلص منه.. الناس يقولون أن خطأي الأكبر في مانشستر كان التخلي عنه.. ولكن أقول لهم أن التعاقد معه في البداية كان الخطأ الأكبر”.

جاء بوجبا إلى يوفنتوس وهو تحت قيادة “الحازم والصارم” أنطونيو كونتي الذي كان يسيطر وبكل قوة على غرفة ملابس تضم العديد من النجوم على رأسهم أندريا بيرلو وكيليني وبونوتشي وفيدال وأنيلكا.. ورغم ذلك منح كونتي بوجبا قبلة الحياة في الكالتشيو ليسجل في أولى مواسمه 27 مباراة بالدوري الإيطالي مسجلا 5 أهداف و8 مباريات بدوري أبطال أوروبا.. ليثبت بوجبا أقدامه أكثر وأكثر في يوفي ليصبح واحدا من أهم وأفضل لاعبي خط الوسط في العالم ليصل لتسجيل 10 أهداف وصناعة 13 في موسم 2015-2016 محققا 4 بطولات كالتشيو متتالية

ليعود “مينو رايولا” على الساحة من جديد.. ويفجر مفاجأة للجميع بإعادة بوجبا “لناديه السابق” مانشستر يونايتد في أغلى صفقة في التاريخ حصل فيها الوكيل الشهير على 27 مليون يورو ليعود “ابن النادي” لبيته في مانشستر تحت القيادة الفنية للبرتغالي جوزيه مورينيو.

ومنذ أن عاد بوجبا إلى يونايتد.. وبدأ في التراجع يوما بعد الأخر سواء على أرض الملعب أو خارجه لأسباب مختلفة.. فرغم أن البداية جاءت بتحقيق لقبي الدوري الأوروبي وكأس الرابطة في موسمه الأول مع الشياطين الحمر بل والمنافسة على لقب البريميرليج وتحقيق الوصافة في الموسم الثاني.. إلا أن بوجبا لم يصل أبدا لنفس مستواه مع اليوفي على الأقل تحت القيادة الفنية لـ مورينيو الذي كان سببا لعودته من جديد.

ثم جاء سولشاير.. وانفجر بوجبا في موسم الرحيل لـ مورينيو.. وتخطى حاجز أهدافه بتسجيل 16 هدفا في الموسم وصناعة 11.. ولكن سرعان ما خفق من جديد.. خاصة منذ وصول صانع الألعاب البرتغالي برونو فرنانديز في يناير الماضي.. الذي خطف الأضواء جملة وتفصيلا وأصبح اللاعب الأهم والأبرز في قائمة الشياطين الحمر بوصوله لـ23 هدفا في 43 مباراة فقط مسجلا أرقاما قياسية جديدة.

وها هو يعود من جديد.. “مينو رايولا” وقبل ساعات قليلة من أهم مباريات مانشستر في هذا الموسم أمام لايبزيج لحسم التأهل من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، ليخرج ويؤكد بشكل علني ورسمي أنه بوجبا ليس سعيدا في مانشستر ويرغب في الرحيل وعلى أن مانشستر أن يقبل رحيله في يناير المقبل أو الصيف القادم على أقصى تقدير بدلا من خسارته بشكل مجاني في 2022… لتخرج أخبار اهتمام يوفنتوس بضم بوجبا بل واقتراحات بإبرام صفقة تبادلية مع مانشستر برحيل بوجبا إلى يوفي وانضمام ديبالا إلى الشياطين الحمر.. لتقترب قصة بوجبا في ولايته الثانية من النهاية في مانشستر يونايتد…

وبذلك يكون الوضع كالآتي.. رحيل “الناشئ” بوجبا بشكل مجاني عن يونايتد بعد اشتراطه اللعب أساسيا في عقد فيرجسون.. جعل مانشستر يونايتد يدفع أكبر مبلغ في تاريخ كرة القدم لصفقة كرة قدم فضلا عن دفع ما يقرب من 30 مليون يورو لوكيله لإعادته من جديد.. كان من الأسباب الرئيسية في تدمير غرفة الملابس تحت قيادة مورينيو وبالتالي رحيل البرتغالي عن صفوف مانشستر يونايتد.. إثارة البلبلة والضجة والضغط الإعلامي على الفريق قبل ساعات من أهم مباراة في الموسم التي خسرها 3-2 وخرج من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا.. إجبار يونايتد على التفاوض على رحيله في 2021 وقبل عام واحد فقط من انتهاء عقده سواء بمبلغ لن يكون كبيرا كما كان ضمه.. أو بصفقة تبادلية بلاعب لن يكون في أولويات يونايتد من الأساس
ويبقى السؤال.. هل هذا انتقام بوجبا “ابن النادي” من مانشستر يونايتد عما فعله فيرجسون في ذلك الشاب في صغره.. أم أن مانشستر هو من عاقب نفسه بنفسه بجلب اللاعب مرة أخرى رغم تحذيرات السير أليكس فيرجسون أسطورة النادي الحية..؟