أكدت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” أن معرض الحضارة المصرية القديمة، الذي سيُفتتح يوم الجمعة المقبل في بلدية شنغهاي بشرقي الصين، سيلعب دورًا هامًا في تعزيز التبادلات الثقافية بين مصر والصين. كما سيجسد المعرض أحد أوجه التعاون المتنامي بين الشعبين، ويعكس الصداقة العريقة التي تجمع بين البلدين.
ذكرت الوكالة في تقرير لها أن معرض الحضارة المصرية القديمة، الذي يُقام في الفترة من 19 يوليو 2024 حتى 17 أغسطس 2025، يعزز روابط التواصل بين الشعبين الصيني والمصري. يبرز المعرض جمال الحضارة المصرية من خلال عرض ما يقرب من 800 قطعة أثرية تعود لعصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، 95% منها تُعرض لأول مرة في آسيا. يُسلط الضوء على هذه الحضارة وأحدث الاكتشافات الأثرية في مصر، مما يعزز التبادل الثقافي بين الحضارتين الصينية والمصرية.
أشارت شينخوا إلى أن المعرض يبرز عظمة الحضارة المصرية القديمة منذ نشأتها في فترة نقادة وعصور بداية الأسرات وصولًا إلى الدولة الحديثة. يتضمن المعرض ثلاث قاعات عرض: “مملكة الفراعنة”، و”أسرار سقارة”، و”عصر توت عنخ آمون”، كما يعرض بعض أوجه التشابه بين الحضارتين المصرية والصينية. ولفتت إلى أن القطع الأثرية تم اختيارها من عدة متاحف مصرية، منها المتحف المصري ومتحف الأقصر، بالإضافة إلى قطع تُعرض لأول مرة من أحدث الاكتشافات الأثرية في منطقة سقارة، والتي نُقلت من مصر إلى شنغهاي عبر رحلات جوية خاصة.
قال الدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في مقابلة مع وكالة أنباء “شينخوا” في شنغهاي، إن هذا المعرض يمثل ثمار جهود استمرت عامًا كاملًا. وأضاف أنه يمثل أول تعاون مباشر بين متحف شنغهاي في الصين والمجلس الأعلى للآثار في مصر.
أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن المعرض لا يهدف فقط إلى الترويج لمصر، بل هو أيضًا دعوة للصينيين للتعرف على جوانب من الحضارة المصرية العريقة. وأشار إلى أن القطع الأثرية المعروضة تمثل جزءًا صغيرًا من مجموعات المتاحف والمناطق الأثرية في مصر.
وفيما يتعلق باختيار شنغهاي كوجهة للمعرض، قال إسماعيل إن المدينة تُعتبر سوقًا مثاليًا لجذب المزيد من الزوار وتعريفهم بالحضارة المصرية، نظرًا لأنها وجهة جذب للكثير من الزوار من المناطق المحيطة. وأضاف أن متحف شنغهاي، كأحد المتاحف الكبيرة، يمتلك القدرة على استيعاب هذا النوع من المعارض، مما يحقق أحد أهداف المعرض وهو تنشيط السياحة الثقافية وتعزيز الزيارة لمصر.
وفيما يتعلق بالاعتبارات التي اعتمدها المنظمون في اختيار القطع الأثرية للمعرض، أشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أن الاختيار تم بناءً على ثلاثة مواضيع رئيسية: الملكية في مصر القديمة، الحياة اليومية، والمعتقدات الدينية. وأضاف أن اختيار القطع الأثرية للمعارض الخارجية يستند إلى موضوع المعرض. على سبيل المثال، إذا كان موضوع المعرض يتعلق بالديانة المصرية القديمة، يتم اختيار مجموعة من المعبودات والتماثيل المرتبطة بالديانة من مختلف المتاحف المصرية لعرضها كعرض متكامل.
وتابع قائلًا: “تتعاون الحكومتان المصرية والصينية منذ سنوات في مجال الثقافة والآثار، مما يعكس عمق العلاقة بين البلدين.” وأضاف: “في المستقبل، سنقوم بتنظيم المزيد من البعثات الأثرية بالتعاون مع الصين.”
من جانبه، قال مدير المتحف المصري بالقاهرة، الدكتور علي عبدالحليم، لوكالة شينخوا: “توجد أوجه تشابه بين الحضارتين المصرية والصينية؛ فمثلاً، بينما قدمت الحضارة المصرية البردي كوسيلة للكتابة، فقد قدمت الحضارة الصينية الورق.” وأضاف أنه تم عرض مجموعة من القطع الأثرية الصينية بجوار نظيراتها المصرية الشبيهة، مثل المرايا، لتسليط الضوء على أوجه التشابه بين الحضارتين.
وأشار إلى أن الصين ومصر تربطهما علاقات وثيقة ليست في المجال الثقافي فحسب، بل أيضًا في المجالات الاقتصادية والسياسية. وأشاد بالتقنيات المستخدمة في إحياء الحضارة المصرية، مشيرًا إلى أنها تسهم في تقريب الفكرة للزوار.
بخصوص فكرة إقامة معرض للقطع الأثرية الصينية في مصر، قال مدير المتحف المصري بالقاهرة إن هذه فكرة ممتازة. وأشار إلى أن هناك قاعات عرض مؤقتة في المتحف المصري يمكن استخدامها لعرض مجموعة من الآثار الصينية. وأعرب عن أمله في أن يُشجع هذا التوجه على دراسة علم المصريات في الصين، مما قد يؤدي إلى زيادة الحفريات الأثرية التي يقوم بها الصينيون في مصر.
من جانبه، أكد مدير متحف شنغهاي، تشو شياو بوه، أن مؤسسات الآثار الثقافية في الصين ومصر ستعمل معًا لتعزيز وتطوير خطط ورؤى جديدة لعلم الآثار المشترك.
قالت يان هاي ينغ، خبيرة علم المصريات في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إن التخطيط المستقل الذي قام به متحف شنغهاي والمجلس الأعلى للآثار في مصر يُعد أكبر ميزة لهذا المعرض. وأضافت: “لدينا فكرة لتقديم مقدمة منهجية وشاملة لأولئك الذين يهتمون بالثقافة المصرية. بناءً على هذه الفكرة، قمنا باختيار هذه القطع الأثرية.”
بدوره، نوه شيويه جيانج، الباحث في معهد تاريخ الفن العالمي بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، بأن مشاركة الصين العميقة في مشروع سقارة الأثري العالمي تحمل بلا شك أهمية كبيرة.