Site icon راديو مصر

طفل يحرض على الثورة بالكويت!! إنه عصر المصريوفوبيا

بقمة الطفولة والبراءة البديهية لما يدور حوله من أحداث في بلده والكثير من الدول العربية حوله، سأل الطفل المصري باسم فتحي (عشر سنوات) مدرّسته الكويتية: “لماذا لا تقوم الكويت بثورة؟”.

وبقمة عدم المسئولية التربوية نقلت المدرسة ما قاله الطفل إلى المسئولين الكويتيين، الذين لم يكونوا أكثر ذكاء منها، فما كان منهم إلا أن قاموا بفصل الطفل من جميع المدارس الكويتية، واعتبروا الطفل المصري محرضا للأطفال الكويتيين على الثورة ضد الحكومة الكويتية، هل هذا كلام يدخل العقول؟

ثم يخرج علينا السفير الكويتي بعد أن ينتشر الأمر في كافة وسائل الإعلام، ليؤكد أن الطفل ذا العشرة أعوام مشاغب.. وما هي مظاهر مشاغباته في رأي السفير؟؟ أنه يسبّ الكويت.. يا سلام؟؟ وهل مشاغبة الأطفال دون العاشرة -الذين لم يكلّفهم حتى الدين بعد- تستأهل طردهم وفصلهم من كافة مدارس الكويت الصباحية والمسائية.. كلام السفير نوع من أنواع الدبلوماسية غير المتقنة بكل أسف.

ولكن هذا يدفعنا للتساؤل حقاً عن الأداء الحكومي العام في عالمنا العربي كله.. وعن الفوبيا التي اجتاحت العالم العربي من مصر الثورة.

هل من المعقول أن يصل عدم التقدير وعدم وضع الأمور في سياقها الطبيعي إلى هذا الحد غير المعقول لحكومة كاملة، أليس فيها من يفكر ولو للحظة أن هذا طفل وأن عمره لم يتجاوز السنوات العشر، كيف يقوم بالتحريض على ثورة، وحتى لو كان هو نفسه محرّضا من قبل أشخاص آخرين ما استطاع أن يفعلها..

ولكن على ما أعتقد أن الكويتيين مثلهم مثل باقي الشعوب العربية يفترضون في الطفل المصري النبوغ كما باقي المصريين، ولكن مهما كان بالمصريين من نبوغ أعتقد أن هذا النبوغ لن يصل إلى الحد الذي يكون أحد أطفالهم محرضا على ثورة..

ومع أن والد الطفل أحد المثقفين المصريين الذين يعملون في البلاد العربية، فهو يعمل أستاذا بإحدى الجامعات الكويتية، إلا أن هذا لم يشفع لابنه في أي مدرسة كويتية صباحية أو مسائية..

مع أنه لجأ إلى جميع المسئولين الكويتيين من ناظرة المدرسة إلى وزير التعليم، حتى إنه لجأ إلى السفارة المصرية التي أجرت بعض المحاولات لرجوع الطفل إلى مدرسته، لكنها جميعا باءت بالفشل، ولا فائدة من رجوع الطفل إلى أي مدرسة.. ولم يعد الطفل إلا تحت الضغط الإعلامي الذي كشف الأمر، فلو لم يعرف الإعلام الخبر ويتداوله لكان قد طمس حق الطفل كما تطمس الكثير من الحقوق.

وتعالَ لنفكر.. ماذا كنت تفعل لو كنت في مكان والد هذا الطفل؟

أنا عن نفسي لو كنت في مكانه لقدّمت استقالتي فورا من جامعة الكويت، ورجعت إلى بلدي، وأدخلت طفلي مدرسة مصرية ليس بها هذا الكمّ الرهيب من عدم المسئولية ولا التربية التي يحتاجها أي طفل ليتربى، وحتى لا يشبّ طفلي على هذه القواعد وهذه الأفكار التي تخرج عن أي سياق للتعامل الفطن..

هذا لو كنت مكان الأب، فلنعكس السؤال إذن ونتساءل: ماذا لو كنت مكان المعلّمة؟؟

عن نفسي كنت بدلا من أن أوهمه بأنه محرّض على ثورة، وأفسد مستقبله وحياته، وربما أصل به إلى أن يصبح طفلا معقدا؛ لاعتقاده بأنه طفل منبوذ من جميع المدارس، علاوة على أن هذا الوضع ربما يخلق مشكلة دبلوماسية بين البلدين.. كنت سأرسّخ في عقله معلومة أخرى تماما، ربما تستفيد بها الحكومة الكويتية كلها أكثر بكثير من جعل هذا الطفل محرضا على ثورة..

كنت سأقول له إن النظام الكويتي نظام رائع، والحكومة الكويتية حكومة سوية، وأميرنا أمير منصف، يعطي كل فرد في البلاد حقه من حرية سياسية وعدالة اجتماعية، ولا ينقص أحدا من أفراد الشعب الكويتي أي حق من حقوقه..

ولذلك نحن شعب لسنا في حاجة للقيام بثورة مثلكم؛ لأن رئيسكم السابق لم يكن منصفا مع شعبه، ولم يكن يعطيه حريته، وكان يسرق ماله، ولذلك اضطررتم أنتم أن تقوموا بعمل ثورة، وهذا هو الفرق بين مصر التي قامت بعمل ثورة، والكويت التي لا تحتاج إلى ثورة.. بصرف النظر عن صحة هذا الكلام من عدمه.. فهذا هو الأقرب للدبلوماسية وللتربية غير القمعية، لما أراد أن يؤثر السلامة.. فبدلاً من الرعب وتلبيس طفل مصيبة؛ لخوفها هي شخصياً مما قاله، كان يمكنها تدارك الأمر بحنكة.

ووقتها أعتقد أن الطفل كان سوف يقتنع، ولم تكن كل هذه المشكلة لتحدث مطلقا، ولكن المدرّسة لم تقم بهذا الدور التربوي مع هذا الطفل، وكذا كل الكوادر الحكومية من ورائها..

 

والواقع أنهم يشعرون بالخوف والقلق من كل ما هو مصري اليوم.. أصبحت كلمة مصري في الأذهان مرادفة لكلمة ثورة، ولذا فسنجد مثل هذه الحادثة تتكرر على نطاق أوسع أو أضيق، فبمجرد قيام الثورة الليبية اتهموا المصريين واضطهدوهم بذنب تصدير الثورة، وفي سوريا اتهموا مصريا بالعمالة والدعوة للثورة.. وغالباً سيتكرر هذا الأمر في كل بلد يرتعد مسئولوها من يوم الحساب؛ لعلمهم أن لمصر أفقا مشعا على كل ما حولها، وأنه في اعتقادهم أن الثورة آتية لا ريب فيها، لذا فيمكننا ببساطة أن نقول إننا نعيش الآن عصر “المصريوفوبيا”..

Exit mobile version