سارة، بنت هاران، هي الزوجة الأولى للنبي إبراهيم، وهي أم النبي إسحاق، وأم النبي يعقوب الذي ينسل منه أنبياء بني إسرائيل. تحظى بمكانة مرموقة في التوراة، حيث ذكر اسمها بصيغة “ساراى” ومن ثم تحول إلى “سارة” بعد وعد الله لها بولد على الرغم من كبر سنها وعقمها. تم ذكر الحادثة في القرآن دون ذكر اسمها بشكل مباشر. تُحترم سارة من قبل المسلمين واليهود والمسيحيين على حد سواء.
سارة، زوجة النبي إبراهيم عليه السلام، كانت أول من آمنت برسالته عندما بعثه الله ليهدي قومه إلى الطريق الصحيح، وكذلك آمن به لوط، ابن أخيه. كانوا هم الأوائل الذين آمنوا برسالته في ذلك الزمان.
سارة، زوجة النبي إبراهيم عليهما السلام، قامت بالهجرة مع زوجها وابن أخيه لوط إلى فلسطين في سبيل الله. وعندما تفاقمت الظروف الجافة في فلسطين، هاجرا مرة أخرى إلى مصر. وكان إبراهيم يعلم بأن فرعون مصر يعتاد استعباد النساء الجميلات، وكانت سارة جميلة بشكل بارز. لذا، عند وصولهما إلى مصر، وضع إبراهيم سارة داخل تابوت عند عبورهما الحدود، وعندما سأل عمال المكوس عن محتوى التابوت، أخبرهم بأنه مليء بالشعير.
طلب عمال المكوس ضريبة على ما يعتقدون أنه قمح، وقبل إبراهيم الضريبة، ثم قالوا له إنها بالحقيقة ضريبة بهار، فقبل أيضًا. ولكنهم شعروا بالارتباك والشك بعد قبوله، فقاموا بفتح التابوت بالقوة، واكتشفوا أن النور يتدفق من وجه سارة، فأدركوا أن هناك شخصًا قد كُشف للملك عنها، وأغراه بجمالها وزينها ليجعلها من جواريه.
عندما استدعى الملك إبراهيم عليه السلام وسأله عن علاقته بسارة وسبب قربهما، عرف إبراهيم عليه السلام نيته وخاف من مكره بأن يخبره أنها زوجته، وأن يبيت الشر له ويعمل على الايقاع به لتصبح له من دونه ويستأثر بها من بعده فقال له: “هي أختي”.
عندما طلب فرعون من جنوده أن يحضروا سارة إلى قصره، دعت سارة الله أن لا يتركها وحدها، وأن يحميها برعايته، ويحفظها من شر الظروف التي قد تواجهها.
باستجابة الله لدعاء سارة، فشُلّت يد فرعون عندما حاول أن يمسها بالشر، وطلب منها أن تدعو الله له ليطلق يدها ولا يضرها. فدعت سارة الله واستجاب لها، وعادت يده سليمة كما كانت، ولكن عندما أراد فرعون أن يمد يده نحوها مرة أخرى، فشلت محاولته وشُلّت يده مرة أخرى. طلب منها فرعون أن تدعو الله له مرة أخرى ليطلق يدها، ووعدها بألا يضرها. ففعلت سارة، ولكن فرعون خان العهد وفشلت مرة ثالثة. فطلب منها أن تدعو الله له ليطلق يدها مع وعد بأن لا يمسها بالسوء. وعادت يده سليمة مرة أخرى. فقال فرعون للذي جلبها: “اذهب بها، فأنت لم تأت بإنسان”، وأمر لها بجارية وهي هاجر، وتركها تغادر أرضه بسلام.
بعد عودة إبراهيم وسارة إلى فلسطين، مرت الأعوام ولم تنجب سارة طفلًا لإبراهيم، مما جعلها تشعر بالقلق والحزن لعدم وجود ولي لهما يكون سندًا وفرحة لهما. وفي إحدى المرات، جاءت جارية سارة هاجر لتقدم لها الماء، وأثارت نظرتها لها، فوجدتها صالحة لتكون زوجة لإبراهيم.
عقب زواج إبراهيم – عليه السلام – من هاجر، بدأت سارة تشعر ببعض الغيرة عندما ظهرت علامات الحمل على هاجر. وعندما وضعت هاجر طفلها إسماعيل – عليه السلام -، طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها هي وابنها.
وحسب مشيئة الله، أراد أن يأخذ إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ خالٍ من النباتات في أرض مكة، قرب بيت الله الحرام. هناك، وضعهما إبراهيم، بتوجيه من الله، ودعا لهما بأن يحفظهما الله ويبارك فيهما.
في يوم من الأيام، جاءت مجموعة من الزوار لزيارة إبراهيم – عليه السلام. فأمر بذبح عجل سمين وقدمه لهم، ولكنه دُهش عندما رأى أنهم لم يأكلوا من الطعام. تبين له بعد ذلك أن هؤلاء الزوار كانوا ملائكة جاءوا لزيارته في شكل تجار، ألقوا عليه السلام فردّ السلام إليهم. أعلنوا لإبراهيم – عليه السلام – بأن زوجته سارة ستلد ولدًا سيُسمى إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، وسينجب له ولدًا سيُدعى يعقوب.
عندما سمعت سارة كلام الملائكة، لم تتمالك نفسها من هول المفاجأة والفرح، فعبَّرت عن دهشتها وفرحتها كما تعبّر النساء، وصرخت مندهشة من ما سمعت، قائلة: “قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ”. [هود: 72-73].
وحملت سارة بإسحاق عليه السلام ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه.
من إسحاق نشأ نسل بني إسرائيل. وتوفيت سارة في مدينة الخليل في فلسطين، عن عمر يناهز 127 سنة. يقع قبرها في مسجد إبراهيم.