أصبح تعليم الأطفال القيم والأخلاق ضرورة ملحة في ظل عالم يتسم بالتغير السريع والتعقيد المتزايد. تبقى تربية الأجيال الناشئة من أهم المسؤوليات التي تتطلب جهداً كبيراً من الوالدين، لضمان إعداد جيل قادر على النهوض بالمجتمع والمساهمة في تطوير البلاد. هذا الجيل هو من سيتولى قيادة الوطن ويحمل على عاتقه مسؤولية مستقبل المجتمع.
يُعد تعليم الطفل القيم والأخلاق من ركائز التربية السليمة، فمن خلاله ينشأ جيل يتحمل مسؤولية المستقبل على عاتقه.
إن بناء مجتمع صالح يقوم على أسس الرحمة والمحبة والعدالة وخالٍ من الأمراض الاجتماعية يبدأ بتنشئة إنسان صالح، وتبدأ هذه العملية منذ الطفولة.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على بعض القيم والأخلاق التي يجب أن يحرص الوالدان على غرسها في الأطفال منذ الصغر.
مفهوم القيم الأخلاقية عند الأطفال:
هي مجموعة من القيم والسلوكيات التي يعتاد عليها الإنسان حتى تصبح جزءًا من صفاته الطبيعية وتشكل جزءاً من شخصيته.
من الضروري أن يقوم الوالدان بتعليم أطفالهم القيم والأخلاق، لجعل العالم من حولهم مكاناً أفضل للعيش في المستقبل.
قد يعتقد بعض الآباء أن تعليم القيم والأخلاق لا يبدأ في مرحلة الطفولة، لكن هذا اعتقاد خاطئ.
التعليم في الصغر يشبه النقش على الحجر، وكلما بدأ الوالدان في غرس القيم والأخلاق في أطفالهم مبكرًا، كان ذلك أفضل.
ماهي أهم القيم والأخلاق التي نبدأ بها مع الأطفال؟
- الأمانة:
تُعتبر الأمانة من أهم القيم الأخلاقية التي يجب تعليمها للأطفال. ويجب أن يفهم الطفل أن الأمانة ليست مقتصرة على عدم السرقة أو التعدي على ممتلكات الآخرين، إنما يجب تعليم الطفل أن هناك العديد من الأشكال للأمانة ومنها حفظ الأسرار. يمكن للوالدين تعليم الأطفال كيفية حفظ أسرار الآخرين من خلال التزامهم بحفظ أسرار أبنائهم، مما يساعد على غرس قيمة الأمانة في نفوسهم.
- الصدق:
يُعتبر الصدق من أهم القيم الأخلاقية التي ينبغي أن يعتاد عليها الطفل منذ الصغر، لأن الشخص الكاذب يكون مرفوضاً ومنبوذاً في المجتمع، ويحظى بالكراهية من الجميع. لتعليم الأطفال الصدق، يجب على الوالدين أن يكونوا صادقين بأنفسهم، وألا يلجأوا إلى الكذب مطلقاً. ينبغي على الآباء أن يرفضوا الكذب ويحرصوا على أن يكونوا قدوة صادقة لأبنائهم. علاوة على ذلك، يجب عدم التهاون في مسألة الصدق، وعند حدوث الكذب من قبل الطفل، ينبغي فرض عقوبة مناسبة، حتى وإن كانت بسيطة، لتوضيح أن عواقب الكذب سيئة ولا تؤدي إلى خير.
- العدالة:
لا يمكن تحقيق العدالة إلا إذا كان الشخص يكره الظلم. وفطرياً، يميل الإنسان إلى رفض الظلم. لذلك، من الضروري أن يحرص الأهل على تعليم أبنائهم حب العدل وغرس هذه القيمة فيهم منذ الصغر. يجب عليهم تعليم الأطفال كيف يكونون عادلين مع الآخرين وتجنب ظلم أي مخلوق.
- التواضع:
يُقال إن هناك شعرة رقيقة جداً بين التواضع والتكبر، ولذلك يجب على الوالدين أن يأخذوا هذا الأمر بعين الاعتبار. من الضروري تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال وتوعيتهم بكيفية التفرقة بين التكبر والتواضع. يعتبر التواضع من أبرز أساليب تعليم الأخلاق للطفل، حيث يساعده على تعلم كيفية التعامل مع الآخرين بشكل إيجابي.
- احترام الآخرين:
تعليم الطفل احترام الآخرين يعد من الأمور الأساسية التي تعود بالنفع على الطفل والآباء والمجتمع بشكل عام. عندما يعلّم الآباء أبنائهم كيفية احترام الآخرين، فإن ذلك ينعكس إيجابياً على سلوك الأبناء وعلى تفاعلهم مع المجتمع. من خلال ذلك، يتعلم الطفل كيفية احترام المدرسين وزملائه في المدرسة، ويستوعب أهمية الالتزام بقواعد المدرسة وعدم مخالفتها. كما سيساهم ذلك في تعليمه أن يكون لطيفاً مع الغرباء في المستقبل، بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم.
- الشجاعة:
يجب على الأهل تعليم أطفالهم الشجاعة ليكونوا قادرين على مواجهة المستقبل وتحديات العصر. قد يلجأ بعض الأهل إلى القيام بكل المهام التي ينبغي على الطفل القيام بها بدلاً عنه، بدافع حماية الطفل. إلا أن هذا التصرف يعتبر خاطئاً، لأنه يساهم في تكوين طفل جبان لا يستطيع تحمل المسؤولية. في النهاية، يصبح هذا الطفل شخصاً اتكالياً يعتمد على الآخرين.
- الأدب في الكلام:
يجب تجنب استخدام الكلمات السيئة أمام الأطفال، لأن الطفل يردد الكلمات التي يسمعها دون فهم معناها، مما قد يسبب إحراجاً للأهل. لذا، من الضروري اختيار الكلمات بعناية، خاصة في وجود الأطفال.
- التعاطف مع الآخرين:
يجب تعليم الطفل مراعاة مشاعر الآخرين والتفكير في تأثير أفعاله عليهم، سواء كانت إيجابية أو سلبية. على سبيل المثال، يمكن للأهل أن يعلموا الطفل أن يلعب بصوت منخفض إذا كان أحد أفراد المنزل نائماً أو متعباً.
- الصبر:
تُعد قيمة الصبر من القيم التي قد تكون صعبة على الطفل، لكنها ليست مستحيلة. تعليم الطفل الصبر أمر مهم، رغم أنه قد يكون تحدياً. عندما يتعلم الطفل الصبر منذ الصغر، يصبح أكثر قدرة على تحمل المسؤولية والنجاح في المستقبل. يمكن تحقيق ذلك من خلال عدم تلبية طلبات الطفل فوراً إذا كان الوالدان مشغولين، وإخبار الطفل أن طلبه سيُلبى بعد انتهاء الوالدين من أعمالهم.
- التعاون:
يجب أن يدرك الطفل أهمية المشاركة والتعاون في حياتنا، حيث أننا مخلوقات اجتماعية لا يمكننا العيش بدون الآخرين. سلوك الأسرة في المنزل وتعاون أفرادها ينعكس بشكل كبير على الطفل، إذ يعتبر المنزل البيئة الأولى التي يتعلم فيها الطفل قيم التعاون والمشاركة، ويشكل المصدر الأساسي لتعلم أخلاقه. عندما يتعلم الطفل التعاون والمشاركة من أسرته، فإن ذلك يؤثر إيجابياً على نشاطاته في المدرسة وعلاقاته بأصدقائه.
ما هي الآثار الإيجابية من تعليم الطفل القيم الحميدة؟
يمكن أن يكون لتعليم الأطفال القيم الحميدة آثار إيجابية عديدة على نموهم الشخصي وتطورهم الاجتماعي. سنستعرض بعضاً من هذه الآثار الإيجابية.
- الأخلاق والسلوك:
تعليم القيم الحميدة يعزز تطوير الأخلاق والسلوكيات الإيجابية لدى الطفل، ويعزز قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة.
- تنمية الشخصية:
تساعد القيم الحميدة والأخلاق في تنمية شخصية الطفل وتشكيله كشخص مسؤول ومتعاون، يحترم الآخرين.
- بناء العلاقات الإيجابية:
تساهم القيم الحميدة والأخلاق الحسنة في بناء علاقات إيجابية للطفل سواء في المدرسة أو بين أقرانه، كما تعزز التفاهم والتعاون.
- التحصيل الأكاديمي:
أظهرت بعض الدراسات أن الطلاب الذين يتحلون بالأخلاق الحميدة والقيم الحسنة قد يكونون أكثر تفوقاً أكاديمياً.
- الصحة النفسية:
يمكن أن يسهم تعلم القيم الأخلاقية الحسنة في تحسين الصحة النفسية للأطفال، حيث يتعلمون كيفية التعامل مع التحديات والضغوطات بشكل صحيح.
سلوكيات هامة يجب تعليمها للطفل مثل:
- قول “من فضلك” عند طلب شيء من الآخرين و”شكراً” عند الحصول على ما يريد، سيساعد الطفل على اكتساب هذه العادات. عندما يعتاد الطفل على سماع هذه الكلمات من الأهل، تصبح جزءاً من سلوكياته اليومية.
- يجب تعليم الطفل أهمية الاعتذار عند ارتكاب خطأ وقول “آسف”. من الضروري أيضًا تعليمه متى يستخدم هذه الكلمة بشكل صحيح، حتى لا يسيء استخدامها، بل يعبر عنها في السياق المناسب.
- طلب الإذن قبل الدخول إلى الغرفة من خلال طرق الباب يعلم الطفل احترام خصوصية الآخرين.
- يجب على الطفل أن يتعلم عدم مقاطعة المتحدثين أثناء حديثهم، بل يجب أن ينصت إليهم. إذا كان لديه ما يقوله، ينبغي عليه أن يقول “المعذرة، أود أن أتحدث” قبل مقاطعتهم.
- من المهم تعليم الأطفال احترام الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والتعامل معهم بلطف، وتوعيتهم حول كيفية التعامل بشكل إيجابي معهم.
- من الضروري تعليم الأطفال احترام الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والتعامل معهم بلطف، وتوعيتهم حول كيفية التعامل معهم بشكل مناسب. قد يرى الطفل هؤلاء الأشخاص كأشخاص مختلفين وقد يشعر بالفضول، مما قد يدفعه لطرح أسئلة محرجة أو التحديق بشكل مزعج. لذلك، من المهم أن يتعلم الطفل كيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة محترمة وسوية.
- من المهم تعليم الطفل تنظيف المكان بعد الانتهاء من الطعام. لا يقصد بذلك أن يتولى الطفل جميع مهام التنظيف، ولكن يمكنه القيام بمهام مناسبة لعمره، مثل مسح الطاولة وتنظيف المكان الذي كان يلعب فيه.
- من المهم تعليم الطفل عدم السخرية من أصدقائه أو التنمر عليهم، كما يجب تجنّب التنمر تجاه الناس في الأماكن العامة.
اقرأ ايضاً: تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال
اقرأ ايضاً: كيفية التعامل مع كذب الأطفال