"بناء العلاقات الإيجابية مع الأطفال: أساليب تربوية فعّالة وآثارها المستقبلية"

يستفيد الأطفال عندما يتلقون أساليب تربوية فعّالة من أولياءهم، مما يساهم في بناء علاقات صحية بينهم وبين أبويهم، ويحميهم ذلك من المخاطر المحتملة في المستقبل. بالمقابل، يمكن أن تؤثر السلوكيات السلبية والخاطئة للوالدين على الأبناء بشكل سلبي، مما يؤدي إلى ضعف شخصياتهم وزيادة احتمالاتهم لتجربة الاكتئاب والقلق والعدوانية فيما بعد.

تربية الأطفال تتطلب جهدًا كبيرًا، حيث يمكن أن تكون ناجحة وفعّالة عندما يتم اتباع أساليب صحيحة، وقد تفشل عندما تكون غير متوازنة، مما يؤدي إلى آثار سلبية ناتجة عن عدم قدرة الوالدين على تأدية دورهم بشكل كامل. لذا، ينصح الخبراء الأمهات والآباء باتباع مبادئ التربية الإيجابية.

تؤكد الطبيبة أولغا سوبرا، المعالجة النفسية للأطفال والمراهقين، أن الأساليب التربوية غير المباشرة والعصرية تشكل تحديًا كبيرًا للأهل. وتشدد على ضرورة تعلم الوالدين كيفية الاستماع للطفل ومنحه المساحة للتعبير عن احتياجاته، مع ضرورة تعلم الاسترخاء لتحقيق حوار بناء، والابتعاد عن المعاملة السلبية. كما تنبه إلى أهمية اختيار الكلمات بعناية عند التعامل مع الطفل. وتعرض سوبرا بعض أساليب التربية الإيجابية وكيفية تطبيقها مع الأطفال، ومن بينها:

أسلوب احترام شخصية الطفل والسلطة الحازمة:

أساليب التربية الإيجابية تركز على تعزيز وتشجيع سلوكيات الطفل الإيجابية، مثل ارتداء الملابس بمفرده، والتعاون مع الإخوة، وجمع الألعاب، والمساعدة في ترتيب الغرفة. بالمقابل، تُعتبر سلوكيات الطفل المزعجة أو غير المحتملة، مثل البكاء، والتشاجر مع الإخوة، والصراخ، ورفض ارتداء الملابس، ونوبات الغضب، أمثلة على السلوكيات التي يمكن تحسينها بواسطة التدخل الإيجابي والتوجيه السليم من قبل الوالدين.

أسلوب الثناء والمدح والابتعاد عن العقاب والصراخ:

يجب على الآباء اختيار الكلمات بعناية وبدون غضب، لتجنب إلحاق أذى عاطفي أو معنوي بالأطفال. ينبغي أن تعزز الكلمات ثقتهم بأنفسهم وتعزيز قيمهم الذاتية وإيمانهم بقدراتهم.

أسلوب تقديم الخيارات المتعددة:

غالبية الآباء والأمهات يعتمدون عادة على أساليب التوبيخ والانتقاد والصراخ لتصحيح أخطاء أطفالهم، في حين أن استخدام أساليب الثناء والتشجيع لتعزيز السلوك الإيجابي يبدو غير مألوف لهم. يواجهون صعوبة في جعل الثناء عادة يومية، على الرغم من بساطته، رغم أهميته الكبيرة في تشجيع الأطفال على تكرار السلوكيات الجيدة.

أسلوب وضع الحدود:

تحديد الحدود بوضوح يمنح الطفل شعورًا بالأمان، مما يساعده على عدم خروج الأمور عن نطاق السيطرة.

أسلوب الثواب والعقاب:

في حال قيام الطفل بسلوك إيجابي، يمكن للوالدين إعطاؤه ثوابًا مثل حلوى أو التنزه أو شراء لعبة، بينما في حالة قيامه بسلوك غير ملائم، يمكن أن يواجه عقوبات مثل حرمانه من شيء يحبه كثيرًا أو منعه من الخروج. على سبيل المثال، يمكن للوالدين أن يخبروا الطفل بأنه إذا لم يقم بتنظيف ألعابه من الأرض، سيتم إخفاؤها لمدة يوم كامل ولن يتمكن من لعبها. من المهم متابعة تنفيذ العقوبة والتأكد من التزام الطفل بها، وعدم التراجع عن القرار حتى لو قرر الطفل الاستجابة بعد فوات الأوان.

 التحدث مع الطفل والاستماع له:

الإنصات لمشاكل الطفل الصغير وتعليمه مهارات حل المشاكل يعد أساسيًا، حيث يمكن التعاون معه من خلال طرح الأسئلة لمساعدته في إيجاد حلول لمشاكله.

تعليم الطفل الفرق بين الصواب والخطأ:

هذا يساعد في بناء ثقته بقدرته على التعامل مع التحديات في المستقبل.

مبادئ تبني شخصية الطفل:

في كتابها “التربية الإيجابية”، تناولت الباحثة والكاتبة جين نيلسن أهم المبادئ التي تساعد في بناء شخصية الطفل الصغير، مثل:

  • الاحترام المتبادل:

الأطفال يشعرون بالراحة أكثر في بيئة تتسم بقوانين ومبادئ واضحة يحترمها الجميع. ومن بين أسباب الاحترام تأكيد ثقافة الاعتذار من الوالدين عندما يخطئون، وكما أوضحت نيلسن، يُظهر هذا المبدأ في مقولة “أنا أحبك، ولكن لا”، وهو رد على رغبة الطفل في فعل تصرف غير مناسب.

  • التشجيع بدل المدح:

إحدى الطرق القيّمة للتهذيب هي التشجيع، حيث يركز على دعم الفعل الإيجابي بدلاً من مجرد المدح. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “لقد أظهرت مهارة كبيرة في حل هذه المسألة”، بدلاً من أن تقول: “أنت عبقري”.

  • العواقب لا العقاب:

أسلوب “العاقبة” يُعتبر من أنجح الطرق في التهذيب، حيث يتضمن تخصيص عاقبة مناسبة لكل تصرف خاطئ يقوم به الطفل. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يسيء استخدام الألعاب مثل تكسيرها، يمكن أن تكون العاقبة أن تُأخذ الألعاب بعيدًا مع شرح من الوالدين لسبب هذا التصرف. بعد ذلك، يُخبر الطفل أن الألعاب متاحة مجددًا عندما يكون لديه استخدام مناسب لها. هذا بدلاً من استخدام العقوبات الجسدية أو اللفظية أو النفسية، مثل التجاهل أو وضع الطفل في ركن العقاب، التي قد تزيد من التوتر وتؤدي إلى نمط شخصية سلبي مثل السُّخط أو الانعزال أو السلوك المتمرد.

اترك رد

رسالتك علي الهوا