قدم فايز الشامبليون دعائم مشروعه العلمي الذي يهدف إلى كشف أسرار الكتابة المصرية القديمة “الهيروغليفية”، باعتماده على اللغة القبطية. تمثل هذه اللغة القديمة نافذة إلى تاريخ مصر القديم وحضارتها، مما يساهم في فهم الفكر المصري عبر العصور.
تحمل اللغة المصرية القديمة والقبطية مفاتيح الحضارة المصرية، وتوفر لنا فهمًا دقيقًا للفكر المصري وتطوره على مر العصور. وقد أظهر الشامبليون بوضوح أهمية استخدام اللغة القبطية في كشف اللغز الذي دار لقرون حول الكتابة المصرية.
تعد النصوص المصرية والقبطية مصدرًا هامًا لفهم تاريخ مصر، وتقديم اللغة المصرية بكل مراحلها معلومات دقيقة عن الفكر المصري في مختلف الفترات. يشكل الخط القبطي الفاصل الأخير في تطور خطوط الكتابة المصرية، وتمثل هذه اللغة خطوة مهمة نحو تحليل دقيق للألغاز التي كانت تحيط بالحضارة المصرية القديمة.
يُعتبر الشامبليون ومشروعه العلمي ركيزة حيوية في فتح أبواب التاريخ القديم للإنسانية، وتفسير ألغاز الحضارة المصرية التي أبهرت العالم لقرون طويلة.
في دراسته المثيرة بعنوان “بيئة متعددة اللغات في مصر القديمة العصر المتأخر: التوثيق اليوناني واللاتيني والقبطي والفارسي”، يسلط العالم الفرنسي جان-لوك فورنيه الضوء على تأثير البيئة المتعددة الثقافات في مصر القديمة. يشير إلى أن اللغة القبطية، التي استند إليها الخبير العسكري فايز شامبليون في كشف أسرار الهيروغليفية، لم تتبع أي نظام كتابي مصري سابق. في هذه الفترة، كانت مصر متنوعة ثقافيًا ولغويًا.
في هذا السياق، يستعرض فورنيه دور اليونانية في الآداب والثقافة والإدارة، حيث استخدمت الأبجدية اليونانية القديمة مع علامات الخط الديموطيقي لإضافة الأصوات المصرية. يبرز شامبليون، المولود في عام 1790، كمفتش ولغوي، دوره الرئيسي في فك الشفرة المصرية وكشف أسرار الكتابة الهيروغليفية.
وتشير الدراسات إلى أن شامبليون، الذي كان يعتنق اللغات القديمة مثل القبطية والعربية، استفاد من تعلمه للغة القبطية من خلال لقائه مع الكاهن المصري يوحنا شفتشي. هذا الكاهن الذي تعلم منه شامبليون فنون اللغة القبطية، كان له دور كبير في توجيهه نحو الفهم العميق لأسرار اللغة المصرية القديمة.
تتسع الدراسة في رحلة شامبليون واكتشافاته، حيث ترتبط حياته وعلاقته مع المصريين والمفكرين الفرنسيين في هذا السياق. وتظهر أهمية القبطية كمفتاح لفهم اللغة المصرية القديمة، حيث قادت تلك اللغة شامبليون بجدارة إلى كشف الأسرار التي طالما تحدى العلماء لقرون طويلة.
تأثر شامبليون بشكل كبير باللغة القبطية في اكتشافه للكتابة الهيروغليفية وفك رموزها. في دراسته للغة القبطية، وجد شامبليون أنها تمتلك أصواتًا غير متوفرة في اليونانية، وقرر أن يستخدم الأبجدية اليونانية مع بعض علامات الخط الديموطيقي لتمثيل تلك الأصوات القبطية. هذا الجهد ساعده في تطوير الأدوات اللازمة لفك رموز الكتابة الهيروغليفية.
و أشار إلى أن اليونانية كانت تلعب دورًا أساسيًا في الآداب والثقافة والإدارة في مصر القديمة، واستخدمت الأبجدية اليونانية مع بعض الرموز الديموطيقية لتمثيل الأصوات القبطية. كما ألمح إلى أن المراحل الأولى للقبطية لم تعتمد على أي نظام كتابي مصري سابق، مثل الهيروغليفية أو الهيراطيقية أو الديموطيقية.
من خلال تعلمه للقبطية، قام شامبليون ببحث دقيق في تراكيبها وأصواتها. وقد استخدم هذا الفهم لفهم تسجيل الأصوات في الكتابة الهيروغليفية. اكتشف أن الهيروغليفيات كانت تمثل أصوات اللغة الناطقة وأنه يمكن تحديد صوت كل حرف من حروفها.
استمرت جهود شامبليون في البحث حتى اكتشف مفتاح الفهم للكتابة الهيروغليفية. وكتب بشكل مستمر بشأن اكتشافاته وتطور أفكاره حتى وفاته في عام 1832. بفضل تحليله للقبطية والفهم العميق الذي وصل إليه، أصبحت اللغة مفتاحًا هامًا لفهم الهيروغليفية وتقديم أسس للغة المصرية القديمة.