أنت حيث تضع نفسك..
مقولة رائعة أجدد اقتناعي بها..
وضع مبارك نفسه في موضع استحق نهايته التي أفرحت غالبية المصريين..
هل نبدأ بتقزيم مصر وإدخالها بمستنقعات الركود بدعوى الاستقرار؟ أم نتكلم عن الخطة المنهجية لإفقار الشعب وإفساد التعليم والصحة ونشر العشوائيات، والنهب المنظم لثروات البلاد، حتى قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان: يوجد بمصر شعبان؛ الأول يعيش حياة المليارديرات بسفه غير مسبوق، والثاني معظمه تحت خط الفقر، وأقله أوضاعه الاقتصادية قلقة..
هل نتكلم عن استهتاره بأرواح المصريين التي أزهقت في عصره البغيض بالآلاف.. بغرق العبارة، والشباب الذين هربوا من جحيمه؛ للمغامرة بأعمارهم التي لا يملكون غيرها؛ سعيا وراء هجرة غير مشروعة للنجاة من نظام غير شرعي بكافة تفاصيله وأخطائه وخطاياه ومئات خالد سعيد ومئات سيد بلال..
أم نتحدث عن فتك السرطان بأجساد أطفال وشباب وشيوخ مصر، وشكّل أعلى نسبة في العالم، أم مياه النيل التي ترك إسرائيل تعربد في إفريقيا لتحاصرنا، وتعاليه عن الذهاب لإفريقيا وتهديد رئيس وزراء أثيوبيا في عهده البغيض مصر بأنها إذا حاربت أثيوبيا ستُهزم وردّ وزير خارجيته بأننا لا نفكر في الحرب، وهو الذي هدّد بقطع رِجْل أي فلسطيني يحاول دخول مصر.. وصرحت مساعدته بأن من حق إسرائيل التوغل في إفريقيا سعيا وراء مصالحها!!
بكت إسرائيل على مبارك؛ فقد وفّر لها مئات المليارات من الدولارات خلال حكمه؛ لتوفير الغاز بأرخص مما يبيعه للمصريين، فأنعش الاقتصاد الإسرائيلي وأصاب اقتصادنا بغيبوبة طويلة..
أم نتكلم عن أسلوبه البغيض في امتهاننا بدءا من أجيب لكم أكل منين؟ وإلى قوله عندما تكلم معه مواطن عن العبارة فضحك ساخرا، “عبّارة من اللي بتغرق؟” في إشارة لغرق أكثر من ألف مصري بالعبّارة..
وأتوقف عن سرد المزيد من المهانات لشعوري بالغضب العارم وأكتفي بذكر مواقفه منذ 25 يناير وخداعه لنا وتعاليه البغيض في خطاباته، واستخفافه بنا بادّعائه خدمته للشعب وتاريخه و… ورغبته بالموت في مصر؛ لتحدث موقعة الجمل في اليوم التالي؛ إشارة لتأديب الشعب المتمرّد..
وإن لم يكن يعرف بهذه الجرائم أو لم يأمر بها فليحاكم للإهمال وخيانة الأمانة..
أنت حيث تضع نفسك..
فمن يتنفس الوعي والكرامة واحترام النفس، ويفرح بكل خلاياه لمحاكمة مبارك وأسرته ونظامه بالكامل، ففي العدالة مكاسب هائلة أولها إيقاف مسلسلات الظلم والنهب المستمرّ لمصر والردع لأعداء الداخل والخارج وإفهامهم game over فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وستسحق كل العقارب بالعدالة دون انتقام، فالمنتصرون يشمخون بالعدالة ويتنزهون عن التشفي والانتقام..
لن نسمح بسرقة فرحتنا بالمحاكمات بعد نضال ومثابرة من الشعب الثائر بكل أطيافه وأعماره، وقد تأخرت المحاكمة فكان يجب بدؤها فور التنحي..
ونفرح بالمحاكمة للضغط عليهم لانتزاع الأموال المنهوبة لتعود للشعب الغارق في الفقر وفي العشوائيات، ولإقامة مصانع بدلا من التي نهبوها، ولتحسين التعليم ولإقامة وضع صحي يليق بالبشر، ولصنع حياة سياسية تليق بأحفاد الحضارة المصرية، وحتى لا نسمع صوت حاكم يقول عن المعارضة: “خليهم يتسلّوا” مجددا..
نفرح بالمحاكمة لنجاح رهاننا؛ فنحن بشر نستحق الحياة بكرامة، ولنرد الاعتبار لأنفسنا ولكل من شعر بالخوف أو بالترويع في الثورة وخلال حكمه البغيض..
ولنثأر والثأر حق مشروع “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب” لكل من أهين وتألم ولو بضربة على القفا أو صعقة بالكهرباء أو فتاة تم اغتصابها أو شاب اغتصبوه ورجال سرقوا أعمارهم وأموالهم و… و…
لن نسمح بمحاولات مصادرة أفراحنا واحتفالاتنا بالمحاكمة؛ لأنها حقّ مشروع ورفضها ممنوع..
أنت حيث تضع نفسك..
نقولها لكل من يرفض المحاكمة، ويقول ارحموا عزيز قوم ذل..
ونهمس بكل الودّ والاحترام: العزيز يتعامل بعزة والعزة تناقض الخسة..
والخسة تجعل صاحبها يسرق وينهب ويتعالى ويذيق الناس الظلم والقهر؛ فالعزة ترتبط دوما بالعدل وبالنظافة وبتحسين حياة الشعب وليس لإذلاله وإفقاره لصالح حفنة من الأفراد..
هتف الثوار
آه يا بلدنا يا تكية
نهبوكي الحرامية
آه يا جمال وباقولها بجدّ
بكره يبيعوا النيل والسدّ
أذلّنا مبارك بالمعونة الأمريكية التي نهبوها، وصدّر الغاز لإسرائيل بسعر مخزٍ تفوق خسائرنا منه المعونة الأمريكية..
من لا يرحم لا يُرحم.. ديننا أوصانا بذلك.
أقولها ردا على استخدامهم سلاح الدين لابتزازنا بعد حصارنا ليلا ونهارا بفصل الدين عن السياسة، ولكنها الانتهازية البغيضة وهي لونهم المعروف..
تربط القلة خطأ بين الطيبة والعفو عن مبارك لكبر سنه.
فالتسامح في غير موضعه ضعف، والطيبة في غير مكانها غفلة، وأتساءل هل لو سرق رجل في الثمانين ألن يسجن؟ وإذا قتل ألن يُحكم عليه بالإعدام؟
وعن القول الغريب بأن صورتنا أمام العالم ستسوء عندما يحاكَم مبارك، فنردّ: سنسترد صورتنا الرائعة كبشر يحاكمون من أفسد حياتهم، وليسوا قطعانا تنسحق أمام من يقودها..
وشكرت ربي لتفنيد مزاعم من خدعونا بالمسامحة لمرضه بالسرطان وسيموت، فأكد كبير الأطباء الشرعيين الذي وقّع الكشف عليه شفائه من السرطان واستئصاله من قبل، وقلبه مثل قلب شاب في الثلاثين..
ومستعدة لقبول التحدي بإحضار ألف شاب والكشف على قلوبهم ومقارنتهم بقلب الرئيس المخلوع، وستكون قلوب غالبيتهم موجوعة وأقل صحة منه.
فقد وُلدوا ونشأوا في حكمه وعاشوا بأقل القليل من مقتضيات الحياة الإنسانية، وتتنفسوا المرارة والإحباط واليأس، فأصبحت قلوبهم مثقلة وهرمة..
وعن إذلالنا بالضربة الجوية فنردّ بالقول الرائع: ليته ضربنا نحن وحكم إسرائيل 30 عاما! ونذكر إقصاءه لبطل الحرب الحقيقي سعد الدين الشاذلي ونفيه له، فلمن يريد تسديد دين حرب أكتوبر فليقم بتسديده للأبطال الحقيقيين وليس لسارقي النصر..
عندما يسرق شخص ويتنازل عن حقه تصر النيابة على حق المجتمع.
كرامة المصريين غالية ومن يريد مسامحة مبارك فلا يحق له فهو حق كل الخاسرين بعصره، وليتنازل عن حقه وحده وليقم بتعويض باقي المصريين معنويا وماديا عن جرائم مبارك..
طالبنا بأخذ حقوقنا الإنسانية مثل باقي الشعوب، وعندما جاءتنا الفرصة فإذا البعض يرون أننا لا نستحقها، ومعظم من يبكون على مبارك لا يتسامحون مع من يسرقهم في حياتهم الشخصية، تطبيقا للمثل: اللي على البرّ عوّام..
ونتوقف عند صلفه وقوله للمحقق: أنت تكلم رئيس الجمهورية..
مبارك ليس رئيسا سابقا، بل مخلوعا، فالسابق هو الذي يترك المنصب وليس من يخلعه الشعب ويجبره بالملايين وبالجيش على التنحي..
كذب مبارك عندما قال للمحقق برغبته في التخلي منذ اليوم الرابع للثورة، واستمر حفاظا على الشعب، رغم تصريحه بأنه “دكتوراه في العناد” ونرد عليه بأننا أكاديمية في الكرامة والحقوق ونصدّق الجيش الذي أجبره على التنحي، ورفض أوامره بسحق المتظاهرين..
الرافضون للمحاكمة يستكثرون على المصريين رفض الإهانة ومحاكمة من استخف بنا، وإيصال رسالة ردع واضحة لكل من يفكر بالاستهانة بمصر من الداخل أو من الخارج..
ويذكروننا بما قيل عن وعد بلفور: أعطى من لا يملك من لا يستحق..