هل "الإسكندر الأكبر" قتل والده الملك "فيليب"؟

الإسكندر المقدوني، الملك الإغريقي الشهير، يُعتبر واحدًا من أعظم الزعماء العسكريين والمستكشفين في التاريخ. تلقى تعليمه الأولي من الفيلسوف والعالم البارع أرسطو حتى بلغ سن السادس عشر، وبحلول عامه الثلاثين، نجح في تأسيس إمبراطورية ضخمة تمتد من سواحل البحر الأيوني غربًا إلى جبال الهيمالايا شرقًا. يعد إسكندر المقدوني شخصية تاريخية فريدة، حيث جمع بين الفهم الفلسفي والرؤية العسكرية، مما ساهم في بناء إرث لا ينسى في تاريخ الإمبراطوريات القديمة.

تولى الإسكندر الأكبر عرش والده فيليب الثاني المقدوني، الملك المعروف بلقب “الأعور”، في عام 336 ق.م بعد اغتيال والده. لم يكن هناك دليل قاطع يثبت أن الإسكندر شخصياً أمر باغتيال والده للوصول إلى الحكم. ومع ذلك، كان لديه الفرصة لتولي الحكم بعد وفاة والده واستمرار الجيش القوي الذي تركه فيليب وراءه.

وفقًا لكتاب “الإسكندر الأكبر” للدكتور عصام عبد الفتاح، فإن فيليب الثاني المقدوني قد استمر في التفكير العميق حول خلافته الواسعة، خاصةً في ظل اقترابه من حروب شاسعة. كان يشارك ابنه الإسكندر، صاحب العبقرية العسكرية، في هذه الحروب، وكان يتساءل عن المستقبل، خاصة في حالة وفاة الإسكندر في إحدى المعارك المستقبلية. كانت هناك علامات استفهام حول مصير المملكة إذا ما توفي الإسكندر، وهل سيظل العرش بدون وريث؟ لذا، قادت تلك التفكيرات فيليب إلى تأمين استمرار السلطة من خلال عدم إبرامه زواجًا جديدًا، حتى يكون لديه وريث للعهد في حالة وفاة ابنه الإسكندر نتيجة لحادث غير متوقع في المعارك.

وفقًا للمؤلف، حاول تناول سؤال هل شارك الإسكندر في قتل والده بعد هذا التفكير، حيث أشار إلى أن الخلافات الطبيعية بين فيليب وزوجته الملكة أولمبياس، “أم الإسكندر”، قد تكون مصدرًا لتوترات. يُظهر الكتاب أن النزاعات بين الزوجين، خاصة عندما يكون الزوج حاكمًا، قد تتسارع بسبب رغبته في الزواج من امرأة أخرى. ومن الممكن أن يكون غضب الإسكندر ناتجًا عن غضب أمه، وأن يشاركها في التخطيط لاغتيال والده. يبرز المؤلف أن الطموحات اللاحدودية للإسكندر ورغبته في الهيمنة على العالم بشكل شخصي قد دفعته إلى التورط في خطة للتخلص من والده، خاصةً مع رغبته في تحقيق إمبراطورية شاسعة تكون تحت حكمه الشخصي، دون التأثير الكبير من قبل والده الذي كان يسعى للزواج لتأمين وريث للعرش.

يُزعم من قبل بعض المؤرخين أن أولمبياس، والدة الإسكندر، كانت الرئيسة في التدبير والتخطيط لاغتيال فيليب، وأنها قامت بتنفيذ هذه المكيدة بالتعاون مع ابنها الإسكندر. حدثت الجريمة عندما تم طعن فيليب خلال إحدى حفلات الزواج. كانت مفاجأة مروعة لأثينا عندما استيقظوا في صباح سنة 336 ق.م ليتلقوا خبر اغتيال إمبراطورهم فيليب الثاني الذي كان في عمر السادسة والأربعين. وكان من الصعب على أي شخص التعرف على الجاني، مما أثار حيرة المدينة بأسرها.

في أعقاب الاغتيال وتسلم الإسكندر الأكبر للحكم، اتخذت إجراءات النقل الرسمية بشكل روتيني، حيث قام بتولي العرش الذي تركه والده. ورغم أنه لم يتجاوز بعد سن العشرين، إلا أنه وجد نفسه محاطًا بالعديد من الأعداء الذين سعوا للاستيلاء على العرش. في استجابة فورية، قام بالتخلص من جميع المتورطين في المؤامرة، حيث أصدر أحكام الإعدام بحق الجميع، وفقًا للوصف الذي قدمه الكاتب.

لا تعليق

اترك رد