تلقت دار الإفتاء سؤالاً من سائلة تسأل فيه: “ما هو أفضل الثواب الذي يمكن أن يناله زوجها المتوفى؟”

أجاب أمين الفتوى خلال لقائه على قناة “الناس” أن جميع الأعمال الصالحة تصل إلى المتوفى، مثل الصيام والحج والعمرة، باستثناء الصلاة. يمكن للزوجة أن تحج وتعتمر نيابة عن زوجها المتوفى، وأن تقرأ القرآن وتدعو له، وكذلك تتصدق وتمنح مثل ثواب صدقتها للميت.

وأضاف: يجوز القيام بأي عمل صالح كصدقة جارية للميت، مثل شراء أجهزة لمستشفيات أو بناء مسجد. وإذا كانت هناك منطقة سكنية تعاني من نقص في الماء، فيمكن توصيل الماء إلى الأهالي كصدقة جارية على روح المتوفى. سيستمر الثواب من الماء الذي يشربه الناس إلى يوم القيامة.

هل تتعارض هبة ثواب العمل الصالح مع قوله تعالى: “وَأَن لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى”؟

من جانبه، قال الدكتور محمود شلبي، مدير إدارة الفتوى الهاتفية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يوجد تعارض بين قوله تعالى: “وَأَن لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى” (سورة النجم، الآية 39) وبين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم عن أبي هريرة.

وأضاف الدكتور شلبي في فيديو بثته دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، رداً على سؤال حول تعارض هبة ثواب العمل الصالح مع قوله: “وَأَن لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى”، أن الكثير من أهل العلم قالوا إن هذه الآية خاصة بالكافرين، إذ لا ينتفع الكافر بسعي غيره. بينما المسلم يمكنه الاستفادة من سعي الآخرين وهبة ثواب الأعمال الصالحة له.

وأوضح أن هناك رأيًا آخر في تفسير الآية، يفيد بأنها تعني أنه ليس للإنسان ثواب عمل لم يقم به في حياته، ما لم يُهدِ ثوابه إليه غيره. وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “انقطع عمله” ولم يقل “انقطع انتفاعه”، لأن الإنسان إذا مات يتوقف عمله لأنه مفارق لدنيا العمل.

واستشهد مدير إدارة الفتوى الهاتفية بانتفاع المسلم من أعمال الآخرين بعد وفاته، بأن ولي المتوفى يمكنه صيام الأيام التي أفطرها المتوفى في رمضان. كما أورد الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: “إن أمي ماتت وعليها صوم شهر.” فسألها النبي صلى الله عليه وسلم: “أرأيتِ لو كان عليها دين، هل كنتِ تقضينه؟” فقالت: نعم. قال: “فدين الله أحق بالقضاء.”

واستكمل أن من الأدلة على جواز الصدقة عن الميت حديث عائشة رضي الله عنها، حيث قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: “إن أمي توفيت، وأظنها لو تكلمت لكانت قد تصدقت، فهل لها أجر إذا تصدقت عنها؟” فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: “نعم”. وهذا الحديث متفق عليه. وأضاف ما رواه الإمام البخاري عن سعد بن عبادة، حيث قال: “يا رسول الله، إن أم سعد توفيت، فما هي أفضل صدقة؟” فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: “الماء.” فحفر سعد بئراً وقال: “هذه لأم سعد، أي لروحها.”

وأكد الدكتور شلبي أن أي عمل صالح يقوم به الإنسان يمكنه أن يهبه مثل ثوابه لشخص آخر. وأضاف أن حديث “انقطع عمله إلا من ثلاث” لا يعني انقطاع انتفاعه من أعمال يقوم بها غيره.