Connect with us

قصص و روايات

مراجعة كتاب الوجود والعزاء: كيف تساعدنا الفلسفة على مواجهة الخيبات؟

Published

on

كتاب الوجود والعزاء

تنقطع الكهرباء ويخفت النور ليحلّ محله البرد والليل الطويل. يتوه نظري في الظلمة وتتوغل أفكاري في أماكن لطالما خفت التفكير فيها والوصول إليها. طريحة الفراش، أفكّر في الماضي والحاضر وأترقّب المستقبل. أستحضر حنينًا فات وأملًا قد يأتي وقد يتلاشى مع الزمن. يذكّرني هذا بفلاسفة الأمل وفلاسفة الخيبة، بالانفعالات والغرائز وبالثنائيات التي تحكم النمو البشري فأتذكّر أن لي كتابًا كان وعدني عنوانه بإزالة الغبار عن كل هذه الأطروحات وبتقريب مفهوم الخيبة باعتبارها مفهومًا إيجابيًا لا سلبيًا منّي. في أحلك ساعات الليل، أتذكر “كتاب الوجود والعزاء، الفلسفة في مواجهة خيبات الأمل” للمفكّر والفيلسوف المغربي الأستاذ سعيد ناشيد وفي أجمل الخلوات، أخلو إليه، فتكون النتيجة مقالًا ودروسًا كنت أجهلها عن الحياة.

حكايات عن سعيد ناشيد وكتاب الوجود والعزاء.. الفلسفة في مواجهة خيبات الأمل!

قد يظلم التاريخ والتموقع الجغرافي المفكرين والروائيين والفلاسفة المغاربة (نسبة للمغرب العربي) فيزجّ بهم في سجون النسيان والترك دون أن ينتقص من إنتاجهم الفكري شيئًا. تظلّ أعمالهم في معظمها مكثفة وعميقة، تخاطب الإنسان وترتقي بالنفس وتخلق محيطًا من السكينة والطمأنينة. إذ متى تحدّثنا عن الفلسفة في شمال إفريقيا، فإننا نتحدث مثلًا عن الأستاذ فتحي المسكيني والأستاذة أم الزين بن شيخة من تونس وعن الباحث المغربي والمفكر في علم الأديان الأستاذ سعيد ناشيد. ولئن تركنا كتب هاذين التونسيين جانبًا، فقد قادتنا إلى هذا العمل -المغربي أرضًا والعربي لغة والإنساني روحًا ونفسًا- ضغوطات الحياة ووقعها في ظل جائحة عالمية وحروب باردة وأمراض نفسية معقدة ومركبة.

لمع نجم سعيد ناشيد في السنوات الأخيرة ليقرّبنا من مدرس مغربي وباحث في الفلسفة وكاتب اهتمّ بشدّة بمسألة التجديد والإصلاح الديني وسلّط الضوء في عدة محطات على ظاهرة الإسلام السياسي، دون أن ينسى التفكير الفلسفي وغاياته ودواعيه وأن يصالحنا معه بعد قطيعة طويلة. إذ بعد كتابة عناوين عديدة مثل “الحداثة والقرآن” و”قلق في العقيدة” و”دليل التدين العاقل”، عاد هذا الباحث إلى التفكير في الفلسفة من خلال ثلاثيته الأشهر التي شملت كتاب الوجود والعزاء الفلسفة في مواجهة خيبات الأمل وكتاب التداوي بالفلسفة وكتاب الطمأنينة بالفلسفة والتي ارتأى من خلالها أن يكسر الجدار الفاصل بيننا وبين عملية التفكير، من خلال دفعنا إلى التفكير في ماهية هذه الحياة من جهة وفي دور الفلسفة في توجيهنا نحو القدرة على عيش الحياة البسيطة التي لا بد من أن تقوم على خمسة مفاهيم هي العزاء والرحمة والجمال والتأمل واللعب ودرء الانفعالات السيئة وغرائز الانحطاط كالخوف والحزن والأمل الذي يسجننا دومًا في زنازين الانتظار من جهة أخرى.

في هذا العمل، ينزل الأستاذ سعيد ناشيد إلى الآغورا كما كان يفعل سقراط ليتفلسف ويفكر معنا في وظيفة الفيلسوف اليوم في عالم ما بعد الأيديولوجيات وما بعد الأديان وما بعد الخطابات الخلاصية وما بعد القيم القومية وما بعد اليوتوبيات الثورية، وليعود بنا إلى مفاهيم من شأنها أن تسهّل علينا هذا الوجود وأن تذكّرنا بأن قيمة هذه الحياة كامنة فقط في عيشها.

ا بين فلسفة الأمل وفلسفة الخيبة

يبدأ الحديث عن الحياة في هذا الكتاب بالرجوع إلى التجارب الشعورية وتعريفها من خلال ربطها بتيارات فلسفية اهتمت بها وبماهيتها وتبدأ الرحلة بالإشارة إلى فلسفة الأمل أو التفاؤل التي جمعت سينيكا وروسّو وماركس وهيجل وفلسفة الخيبة أو التشاؤم التي كتب عنها لوكريتيوس وشوبنهاور وفولتير وكامو ونيتشه، وبينما آمن الأولون بأن التاريخ والطبيعة والتجارب والكون يمضون نظريًا باستمرار نحو الأفضل وأن المأساة مبرّرة بالأمل، اعتقد الآخرون أن المعاناة ضرورة حياتية ما دام هذا الوجود وجودًا خاليًا من المعنى فقبلوا بها دون أن يفكروا في أسباب حدوثها. ترك الأمل -باعتباره غريزة من غرائز الانحطاط التي تمنعنا من العيش وتهدد قدرتنا على النمو- الملكة بينيلوبي أسيرة لوحدتها وآلامها، منتظرة قدوم زوجها أوليس طيلة عشرين سنة ومنع عنها الحياة واللذات والفرح وخوض تجربة حكم كانت لتحفر بها اسمها بين سطور كتاب الأوديسة.

بين هذا وذاك أي بين الاستسلام للحزن والعيش في سماء الأمل، ظهرت فلسفة العيش وظهر معها فلاسفة كثيرون كان بينهم أندريه كونت سبونفيل وكليمون روسي ولوك فيري لتنقذنا من فرط التفكير والسقوط في هوة الأوهام والشعارات وتذكرنا بأن الرهان الأهم اليوم لهذه الفلسفة هو مساعدة الذات البشرية على التخلص من الخوف المعرقل للحياة والأمل القاتل للنمو والحنين المرتبط بماضٍ ليس له وجود فعلي وحقيقي.

 

ما العزاء؟

لتحقيق هذا الرهان، نمضي في رحلة البحث عن المعنى من هذا الوجود. نفكّر في الحياة كما نفكر في الموت والفناء ونستحضر مفهوم العيش الكريم والحقيقي كنقيض لحياة تغطيها مشاعر الخوف من الموت والحزن الذي يتبعها. نبحث عن العزاء الذي دفع سعيد ناشيد لكتابة هذا العمل والذي كان محور حديث الفلسفة الرومانية ونفكر فيه باعتباره وظيفة من وظائف الفلسفة الأساسية اليوم. إذ لا مكان للخطابات الخلاصية في هذا العالم ولا عزاء إذًا إلّا في النص الفلسفي القائم على إعمال العقل. يحلّ العزاء هنا محل الرثاء في الأدب ومحل الحداد في الممارسة الشعبية والترحم في الفكر الديني ويمثّل على حد قول هذا الكاتب “اللحظة القصوى للتعبير عن مشاعر الرحمة في مواجهة نوائب العيش كافة، من قبيل الشيخوخة والمرض والمنفى والفقد والإفلاس والموت” ولئن اعتبر ناشيد أن العزاء هو مفتاح من مفاتيح التعامل مع الوضع البشري الحالي فقد ربطه بأربعة مفاهيم أخرى هي الرحمة والجمال والتأمل واللعب. فلِمَ اللعب تحديدًا؟

تخيّل سيزيف سعيدًا!

ما الذي يدفع سيزيف إلى إعادة الكرّة وحمل الصخرة إلى القمّة بعد نزولها إلى نقطة الصفر؟ في الفصل الثالث من هذا الأثر،  يطرح سعيد ناشيد هذا السؤال فيقول إن كامو كان يرى أن سيزيف لا يعرف الشقاء إلّا حين يرى الصخرة متدحرجة وعائدة إلى نقطة البداية وأنه كان سعيدًا كلما كان يحاول دفعها وإيصالها إلى القمّة، إذ أننا لا نحزن ونحن نزرع الأرض أو نداوي المرضى لكننا نستسلم للأحاسيس القاتمة كلما شعرنا أن كل هذا التعب لم يغيّر شيئًا. ولكن ما الذي كان ليحدث لو اعتبرها سيزيف مجرد لعبة؟ كان سيسعد وهو يكرر فعل دفع الصخرة مرارًا وتكرارًا وسيجد أن وجوده المتمثل في هذه اللعبة لا يستحق عناء التفكير المفرط. من هذا المنطلق، نفهم أن المعنى الحقيقي من هذه الحياة بما فيها من خيبات وورطات ومشاكل يكمن في اعتبارها لعبة وأننا هكذا نقطع مع التعاسة واليأس والملل ونصل إلى أعلى درجات السعادة المختبئة في حالة التماهي التام مع مشاعر اللاجدوى.

أنهي قراءتي فيتسلل نور القمر فجأة إلى غرفتي المظلمة، مصادقًا على كلمات الأستاذ سعيد ناشيد ومحتفيًا بها. أطفئ شمعة كانت تساعدني على عيش هذه التجربة الإنسانية الجميلة وأبتسم. ما أضيق العيش لولا فسحة “الكتب”!

Continue Reading
Click to comment

اترك رد

تاريخ

الأسلحة التي حققت للإسكندر الأكبر الفتوحات العالمية

Published

on

الأسلحة التي حققت للإسكندر الأكبر الفتوحات العالمية

الأسلحه التي استخدمها جيش الإسكندر الاكبر

في عصره والذي قام فيه بتوسيع إمبراطوريته بشكل كبير، استخدم “الإسكندر الأكبر” أسلحة متنوعة ومتطورة لغزو العالم المعروف آنذاك.

من بين هذه الأسلحة كانت السيف الذي استخدمه المشاة وسلاح الفرسان والحرس الملكي. يبلغ طول السيف حوالي 30-45 بوصة وكان مصنوعًا عادة من الحديد أو الفولاذ، وكان السيف سلاحًا فعالًا للهجوم القريب وكذلك للدفاع.

تضمنت أسلحة جيش الإسكندر الأكبر أيضًا الرمح، وكان يستخدم هذا السلاح بشكل رئيسي من قبل المشاة وسلاح الفرسان. كان الرمح عادة طوله حوالي 7 أقدام وكان لديه نقطة إضافية على الطرف الآخر للدفع، مما جعله سلاحًا فعالًا للهجوم القريب.

وكانت الأقواس والسهام جزءًا أساسيًا من جيش الإسكندر الأكبر. كان الرماة يستخدمون الأقواس والسهام لتحقيق تأثير كبير على الأعداء، كان طول الأقواس عادة حوالي 5 أقدام وكانت السهام مصنوعة من الخشب بطرف معدني.

الأسحله المستخدمه في عهد الإسكندر الأكبر

وكانت القاذفات جزءًا آخر من أسلحة جيش الإسكندر الأكبر. كان القاذفون يستخدمون القاذفات لرمي الحجارة على أعدائهم. كانت القاذفة مصنوعة من الجلد مع حبلين متصلين بها، وكانت تستخدم للهجوم على المدافع.

أخيرًا، كان لدى جيش الإسكندر الأكبر منجنيق، كانت هذه آلات خشبية كبيرة يمكنها رمي الحجارة أو الرماح أو حتى لتر من الزيت المشتعل. كانت تستخدم لإطلاق مقذوفات على قوات العدو.

جيش الإسكندر الأكبر كان معروفًا بتعدد استخداماته وقدرته على التكيف، واستخدم مجموعة واسعة من الأسلحة لغزو العالم المعروف.

ترك أسلحة هذا الجيش بصمة كبيرة على التاريخ وساهمت في تغيير المسارات الثقافية والسياسية للعديد من الأمم.

Continue Reading

قصص و روايات

“الحضارة الفرعونية في مواجهة وحشية الإسكندري الاكبر: صراع بين الحضارات”

Published

on

الحضارة الفرعونية في مواجهة وحشية الإسكندري الاكبر: صراع بين الحضارات

وفقًا للمؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتابه “تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من بداية التاريخ إلى الفتح العربي”، وصل النزاع بين الفرس والإغريق، أو اليونانيين، إلى مرحلة حاسمة عندما تسلم الإسكندر العظيم الحكم في مملكة مقدونيا وهو في سن العشرين. في ذلك الوقت، كانت الإمبراطورية الفارسية قد امتدت بشكل واسع، شملت غرب آسيا من الهند إلى البحر المتوسط، وكانت لها قوة بحرية هائلة على السواحل البحرية وسيطرتها عليها. كانت سوريا وفلسطين جزءًا من إمبراطوريتها.

قرر الإسكندر الاكبر تحقيق الفوز على العدو الفارسي القوي، فقام بتجهيز جيش كبير وقاده عبر مضيق الدردنيل، المعروف أيضاً بـ “هلسبونت”. وفي معركة ملحمية على ضفاف نهر “جرانيق”، الذي يصب في بحر مرمرة، نجح الإسكندر في تحقيق انتصار هائل في عام 334 قبل الميلاد. بعد هذا الانتصار، شق طريقه عبر الساحل الغربي لآسيا الصغرى ووسط الأناضول.

وصل الإسكندر إلى مواجهة الفرس في معركة “إيسوس” في عام 333 قبل الميلاد، والتي وقعت على شاطئ خليج الإسكندرية الذي يعرف اليوم بخليج الإسكندرية. في هذه المعركة، حقق الإسكندر انتصارًا ساحقًا، حيث فر الملك داريوس الثالث هاربًا إلى “بابل”.

بعد معركة إيسوس، قرر الإسكندر عدم متابعة مطاردة الملك داريوس، بل قرر التوجه أولاً نحو البلاد الواقعة على سواحل البحر المتوسط. كان هدفه هو تحقيق السيطرة عليها وتخضيعها، وذلك لتعزيز سيطرته ومنع استخدام الأسطول الفارسي لها كقواعد تعوق تقدمه.

كانت هذه الخطة الدقيقة إشارة إلى رؤيته الاستراتيجية وحدة نظره البعيدة، وحسن تقديره للميدان الحربي. تقدم الإسكندر بجيشه نحو ثغور البحر المتوسط في فينيقيا وسوريا وفلسطين، حيث تمكن من استعمارها وإخضاعها لسيطرته. امتدت سيطرته إلى دمشق وبيت المقدس، وتم استيلاؤه على ثغور أخرى دون مقاومة، باستثناء “صور” التي قاومت بشدة. استمر الإسكندر في حصار صور وفتحها بالقوة، كما واجهت غزة مقاومة شديدة حتى اضطر إلى حصارها وتحقيق السيطرة عليها.

ثم وصل إلى مشارف مصر على رأس جيشه البالغ نحو أربعين ألف مقاتل، يعاونه أسطوله الذي كان يسير على مقربة من الشاطئ، ووبلغ بيلوز (الفرما)، وكانت وقتئذٍ أول حدود مصر.

في عام 332 قبل الميلاد، دخل الإسكندر مصر بعد أن ضعفت هزائم الفرس أمام تقدمه، وواجهوا صعوبة في التصدي له. وصل إلى مصر في خريف ذلك العام، دون مواجهات، حتى وصل إلى “منف”، العاصمة الحاكمة في تلك الفترة. لم يجد الوالي الفارسي الذي كان يدير شؤون مصر وسط هذه الظروف أي فرصة للمقاومة، حيث رأى أن مقاومة الإسكندر لن تكون ذات جدوى.

وقد ابتهج المصريون لهزيمة الفرس، ورأوا في الإسكندر بادئ الأمر منقذًا لهم من الاحتلال الفارسي، ولم يكونوا لينسوا أن الفرس قد انتزعوا عرش مصر من آخر ملوك الفراعنة وأقاموا حكمًا أجنبيًّا بغيضًا امتهَنَ كرامة بلادهم، مما حفزهم إلى الثورة عليه ثلاث مرات.

أشار المؤرخ عبد الرحمن الرافعي إلى أن الإسكندر أظهر احترامًا كبيرًا لديانة المصريين ولعاداتهم وتقاليدهم. ولم يقتصر ذلك، بل قام بتتويج نفسه بتتويج فرعوني في معبد “بتاح” بمدينة “منف”. اقتدى بطقوس الفراعنة القدامى عندما كانوا يتولون حكم مصر. وبما أن المصريين رمزوا بالكبش المقدس إلى الإله آمون، فقد أمر الإسكندر بتمثيل قرني “آمون” في صورته، مما جعل بعض مؤرخي العرب يطلقون عليه لقب الإسكندر ذي القرنين.

Continue Reading

تاريخ

“الحصار الدموي لغزة في عام 332 قبل الميلاد: فترة مظلمة في تاريخ الإسكندر الأكبر”

Published

on

"الحصار الدموي لغزة في عام 332 قبل الميلاد: فترة مظلمة في تاريخ الإسكندر الأكبر"

في عام 332 قبل الميلاد، وقع حصار غزة، وكان جزءًا من حملة “الإسكندر الأكبر” على مصر، ملك مقدونيا اليونانية القديمة. كان هذا الحصار جزءًا من الأسرة الحادية والثلاثين في مصر، التي كانت مرزبانية للإمبراطورية الأخمينية الفارسية.

خلال الحصار، نجح الإسكندر في الوصول إلى الجدران باستخدام المحركات التي استخدمها ضد صور بعد ثلاث اعتداءات فاشلة، اقتحمت الحصن المعقل.

توقع “باتيس”، الخصي وقائد حصن غزة، إخضاع مصر إلى أن يتمكن الملك الفارسي “داريوس الثالث” من تكوين جيش آخر ومواجهة الإسكندر في معركة من هذه المدينة.

كان الحصن يقع في مكان مرتفع على حافة صحراء يمكن من خلالها السيطرة على المنطقة المحيطة بسهولة.

مكنت من السيطرة على الطريق الرئيسي الذي كان يذهب من بلاد آشور الفارسية إلى مصر. المدينة، التي يزيد ارتفاعها عن 18 مترًا (60 قدمًا)، كانت تُستخدم تقليديًا للسيطرة على المنطقة المحيطة، والتي كانت حتى ذلك الحين مرتعًا للمعارضة.

كان باتيس على علم بأن الإسكندر كان يسير على الساحل، حيث كان قد انتصر للتو في صور. لذلك قام بتزويد غزة بحصار طويل، ومن المحتمل أنه كان على علم بنيّة الإسكندر للسيطرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط بأكمله قبل الانتقال إلى بلاد فارس.

عند وصوله، خيم الإسكندر بالقرب من الجانب الجنوبي من المدينة واعتبر الأسوار الجنوبية هي الأضعف. ويُزعم أن التلال شُيدت بسرعة، على الرغم من اعتقاد المهندسين بعدم إمكانية استكمالها بسبب طبيعة التحصينات في غزة.

حصار غزة

في أحد الأيام خلال الحصار، قام سكان غزة بطلعة جوية ضد معدات حصار العدو التي تم تشييدها في الموقع، وقاد الإسكندر حراسه الذين يحملون دروعه إلى هجوم مضاد. أصيب في كتف الإسكندر أثناء المحاولة.

وفقًا لما ذكره أريان، تم الانتهاء من بقية التلة بعد فترة وجيزة، حول غزة بأكملها.

وفي فترة غير محددة بعد ذلك، وصلت معدات الحصار من صور، وتم استخدامها أيضًا. بعد ذلك حطم المقدونيون أقسامًا رئيسية من الجدار. بعد ثلاث محاولات لدخول المدينة، دخل المقدونيون المدينة أخيرًا وقاتل سكان غزة بمرارة وفي وقت من الأوقات، تظاهر أحد المرتزقة العرب بالاستسلام، وبعد نقله إلى المعسكر المقدوني، هاجم الإسكندر الذي أصيب بجروح طفيفة قبل أن يُسقط العربي.

عواقب الحصار كانت كارثية لسكان غزة. بعد رفض باتيس الاستسلام للإسكندر، حدثت مأساة بشعة. فقد قام الإسكندر بإعدام الرجال وبيع النساء والأطفال كعبيد.

وفقًا للمؤرخ الروماني “كوينتوس كورتيوس روفوس”، تمت معاملة باتيس بطريقة مروعة على يد الإسكندر، حيث تم دفع حبل بين عظم الكاحل ووتر العرقوب، ثم جر باتيس حيًا بعربة حربية تحت أسوار المدينة حتى مات. وعلى الرغم من أن الإسكندر كان يميل إلى إظهار الرحمة للجنرال الفارسي الشجاع، غاضبًا من رفض باتيس الركوع ومن صمت قائد العدو المتغطرس وأسلوب الازدراء.

نتيجة لهذا الحصار، تقدم الإسكندر بأمان جنوبًا إلى مصر، دون أن يتعرض خط اتصالاته للتهديد من الشمال من قبل باتيس من غزة.

Continue Reading

تابعنا

Advertisement

تابعونا

mia casa

متميزة