“قصص الحيوان في القرآن: حوت يونس – الجزء الثاني”

هذه السلسلة المستوحاة من سلسلة الفنان يحيى الفخراني “قصص الحيوان في القرآن” تأتي لنقدم للأطفال قصصاً ممتعة ومفيدة مستوحاة من القرآن الكريم. تسلط هذه السلسلة الضوء على قصص الأنبياء والمرسلين والقبائل الظالمة التي دعتهم الرسل إلى الحق والعدل. تهدف هذه القصص إلى تعزيز القيم الإسلامية والأخلاقية لدى الأطفال، وتعريفهم بأحداث القرآن الكريم بطريقة مشوقة وممتعة تناسب فهمهم ومستواهم العقلي.

قصة حوت يونس، الجزء الثاني:

ابتلع الحوت الضخم نبي الله يونس، وكان الحوت في حيرة، يرفع رأسه نحو السماء وكأنه يسأل عن تفسير لما حدث.

ظل الحوت مستيقظاً طوال الليل، وفي اليوم التالي، ظهر له ملك كريم. دارت بين الملك والحوت محاورة كالتالي:

قال الحوت: “أيها الملك الكريم، وقع لي حادث مروع ليلة أمس.”

قال الملك: “ما حدث هو معجزة، فقد ابتلعت ذا النون.”

قال الحوت: “أعتذر لجهلي، من هو ذا النون؟”

قال الملك: “إنه نبي وديع وكريم اسمه يونس.”

قال الحوت: “ابتلعتُه دون أن أعلم أنه نبي.”

قال الملك: “لم يجعله الله رزقًا لك.”

قال الحوت: “لكن بما أنه في جوفي، فقد أصبح رزقًا لي.”

قال الملك: “لا، هو في جوفك، ولكنه ليس رزقًا لك.”

قال الحوت: “لماذا ابتلعته إذًا؟”

قال الملك: “أنت له ملاذ ومسكن.”

قال الحوت: “كيف يكون الوحش ملاذًا ومسكنًا لنبي؟”

قال الملك: “تأمل الجسد والروح، فالجسد أعظم وحشية من نفسك، والروح هي النقاء والوداعة. تأمل كيف يتعايشان معًا؛ الجسد هو الرداء للروح، والروح هي اللب للجسد، والجسد هو الوحش، والروح هي البراءة.”

قال الحوت: “كيف ينجو الجسد؟”

قال الملك: “كما تُنقى الوداعة من الوحش.”

قال الحوت: “وكيف تنجو الوداعة من الوحش؟”

قال الملك: “كما ينجو يونس من جوفك.”

كان نبي الله يعلم أنه في باطن الحوت الوحش وأن النجاة لا تكون إلا بمشيئة الله ومعجزته. لم يكن حزينًا من فكرة الهلاك في بطن الحوت، بل كان حزينًا لأنه أغضب الله ولم يصبر على قومه. استغفر النبي الكريم ربه قائلاً: “لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين.”

كان النبي يعاني في عمق الظلام، ويواصل الدعاء بدعاء واحد: “لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين.”

ظل النبي الكريم في جوف الحوت ثلاث ليالٍ، وبعد مرور هذه الفترة، فتح الحوت فمه، وابتعدت أنيابه العاجية، وأطلق السجين من جوفه إلى الجزيرة، ثم عاد الحوت إلى الماء.

خرج النبي الكريم يونس من بطن الحوت، وبقي في العراء. شحب جسده ومرض بسبب تأثير العصارات التي كانت في معدة الحوت. لكن الله، برحمته، أنبت قربه شجرة ذات أوراق عريضة، كانت أوراقها شفاءً لجسده. استرد النبي صحته وعاد إلى أهل مدين ليَدعوهم إلى الله، وقد تعلم الدرس وعرف قيمة الصبر.

كان على النبي أن يدعو الناس، وليس عليه أن يهديهم، فهذا من شأن الله وحده. كان عليه السعي في الدعوة، وليس مسؤولاً عن تحقيق النجاح.

كان يونس عليه السلام مستعداً للصبر حتى نهاية الزمان تكريماً وشكراً لله على نجاته. وكانت المفاجأة أن الناس قد تهيؤوا لقبول دعوته وآمن بعضهم بها، صار المؤمنون بدعوة يونس مائة ألف او يزيد، بينما كان هو لا يزال في بطن الحوت.

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ۝ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ۝ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ۝ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ۝ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ۝ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ۝ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ۝ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ۝ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ۝ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [سورة الصافات:139-148].

لا تعليق

اترك رد