بدايةً.. أؤكد احترامي وتوقيري لكل رجال الدين، وسواء اتفقت معهم أو اختلفت فأنا مؤمنة بالحكمة الفرنسية التي تقول “اختلافي معك في الرأي، لا يمنع أن أقاتل من أجل حقك المقدس في التعبير عن رأيك “.
نقلا عن : مجلة كلمتنا
كتب : جهاد التابعي
في الشهر الماضي لفت نظري خبر مُنتشر في معظم المواقع الفنية، وعلي صفحات الفيس بوك، وأيضاً علي ألسنة الناس، الخبر كان عن رجل دين يطالب بصلب المخرجة إيناس الدغيدي وقطع يدها، والمثير في الخبر ليس تصريحات إيناس الدغيدي نفسها، فقد اعتدنا أن تكون أفكارها غريبة دائماً، وأصبحنا عندما نسمع إسم “إيناس الدغيدي”.. لا نندهش من التصريح التالي للإسم، بل أحيانا لا نهتم بقراءته لأننا نتوقعه مسبقاً .
لكن ما جذب انتباه معظم القراء في هذا الخبر.. هو اقترانه بفتوي عالم دين، والذي بالرغم من أنه لامَ وسائل الإعلام علي إتاحة الفرصة لإيناس الدغيدي للتعبير عن آرائها – والتي وصفها (بالمتخلفة) – إلا أنه قد ساعد دون أن يشعر في تسليط مزيداً من الضوء علي هذه الآراء، بمطالبته بصلبها والعودة بالمجتمع كله إلي عهد الجاهلية .
هذا الشيخ هو الشيخ “فرحات المنجي”.. أحد علماء الأزهر الشريف، والطريف أنَّ هذه ليست المرة الأولي التي يتصدر إسمه خبر فني مثير، لأن هذا الإسم يطل علي صفحات الفن كل فترة بفتوي تثير حولها كثيراً من الجدل، يستمر إلى حين إطلاق الفتوى التالية .
ففي أكتوبر 2007… قرأنا في موقع إسلام أون لاين تصريح للشيخ فرحات المنجي ، أثار خلاف فقهي كبير حول وقوع الزواج الذي يتم علي سبيل التمثيل في المسلسلات والأفلام، أثارالعديد من التساؤلات الغريبة عن حكم من تمثل أنها تتزوج وهي متزوجه بالفعل؟، هل إذا طُلَّقت الممثلة.. فعليها قضاء عدة أم لا ؟ .
وفي سبتمبر 2008… نَشرت جريدة المصري اليوم تصريح مثير جديد للشيخ فرحات، بخصوص موائد الرحمن التي تُنظمها الفنانات والراقصات في رمضان، وقال أنها حرام شرعاً، كما أضاف “لا أظن أنَّ هناك شبهة حلال في المال الذي تجمعه الراقصة، لأننا جميعاً نعلم مصدره الذي يأتي من تعرية الجسد وبيع النظرات إلى جسدها، ومن يذهب إلى هذه الموائد وهو يعلم بحرمتها – ويمكنه أن يذهب إلى مائدة أخري – فهو ( آثم شرعاً )” .
فيما أعلنت الدكتورة “سعاد صالح”، تأييدها الكامل لهذه الموائد مؤكدة أنه لا يوجد حائل بين الإنسان وربه، كما أنَّ باب التوبة مفتوح للجميع .
أما في يوليو 2009… وتزامناً مع حصول المطرب علي الحجار بتصريح الأزهر بتلاوة وتسجيل القرآن الكريم، من أجل إهدائه لعائلته وليس لغرض تجاري، طالبه الشيخ فرحات المنجي من خلال برنامج (90 دقيقة) باعتزال الغناء قائلا: “خلااص يا ابن الحلال.. لا تعود مرة أخري للغناء، لأنك دخلت في مجال آخر”، وهو ما أثار زوبعة دينية فنية جديدة .
وفي يناير 2010… نشرت جريدة البشائر الإلكترونية تصريحاً جديد، يعبر فيه الشيخ فرحات عن غضبه من المخرج خالد يوسف، واعتبر أنَّ ما يقدمه لا يمت للواقع بأي صلة، وأضاف أنه يحاول اختيار أسوأ المشاهد والمناظر، وكأنَّ مصر أصبحت عاهرة فاجرة .
ولأن الفن والرياضة “أولاد عم”، فقد كان للشيخ فرحات تصريح آخر مثير في الأوساط الرياضية، عندما صرح “إفطار اللاعبين في رمضان قلة أدب”، وذلك بعد أن أجازت دار الإفتاء المصري إفطار لاعبي كرة القدم في شهر رمضان خلال أدائهم المباريات في نهار رمضان، وبغض النظر عن الجانب الديني في الفتوي.. فأعتقد أنه كان يجدر بالشيخ الوقور انتقاء كلمات أكثر رقياً في التعبير عن فتوى تقترن بالدين الكريم .
للأسف هذه الظاهرة الفنية الدينية لا تنحصر في شيخ واحد، بل هناك نسبة كبيرة من شيوخنا الكرام يطلقون فتاوي – أحياناً – لأجل الشهرة وجذب الانتباه وإثارة الجدل ليس إلا، فقد أصبحت تساؤلات وقضايا غريبة تشغل بال شيوخنا، وتستهلك تفكيرهم بدلاً من الفصل في القضايا المحورية .
وتجدهم يتناقشون ويتساءلون.. هل رفع الأذان بصوت شيرين حرام؟، وهل إلقاء الداعية الإسلامية “سعاد صالح” خطبة في مسجد سعد الصغير خطأ فادح يستلزم التوبة والاعتذار؟، وماذا لو سجل عمرو دياب القرآن بصوته؟.. هل سيقلدونه الشباب كما يقلدونه في الملابس والغناء؟، وغيرها من القضايا التي ترفع ضغط الدم في عروق المشاهد والقاريء… ربنا يستر .
لا تعليق