أيام قليلة ويرحل عام 2010. ويصير ما حدث فيه مجرد ذكريات.. ويهل علينا عام جديد.. ورغم كل الأماني بأن يكون هذا العام أفضل مما سبقه فاننا لا نستطيع أن نتجاهل أنه سيكون عاماً صعباً.
فعام 2011 تنتظره أحداث جسام وضخمة وسيكون لها تداعياتها في شتي أنحاء العالم وتستأثر منطقتنا بنصيب الأسد منها.
ففي بداية هذا العام سوف ينشطر بلد عربي ويصير دولتين واحدة في الشمال ليست آمنة من مزيد من الانشطار والانقسامات وثانية في الجنوب لا تسلم من الاضطراب والصراعات الداخلية.. انه السودان الذي سوف ينقسم جنوبه عن شماله كما يقتنع بذلك أهل الشمال والجنوب بعد الاستفتاء الذي اقترب موعده وسيتم اجراؤه في أول شهور عام .2011
وهذا الحدث سوف يكون له تداعياته المختلفة في منطقتنا العربية وقارتنا الإفريقية أيضا.. وسيكون لنا في مصر نصيب من هذه التداعيات.. فإذا أسفر هذا الانفصال عن مشاكل واضطرابات بين الشمال والجنوب سوف ينال الكثير من آثار هذه المشاكل والاضطرابات خاصة وأن السياسة المصرية حرصت منذ وقت طويل مضي علي توطيد علاقاتها مع الشمال والجنوب معا في وقت واحد تحسبا لانفصال لاحت بشائره في الأفق وبدا أن شريكي الحكم في السودان يسعيان اليه بما انتهجاه من سياسات وما اتخذاه من مواقف.. وحدوث أزمات ومشاكل وصراعات بين الجنوب والشمال بعد الانفصال يضفي تعقيدات علي جهود مصر لنسج علاقات طيبة معهما معا.. يضاف إلي ذلك أن هذا الانقسام يضفي تعقيدات أيضا علي جهود مصر لإنهاء مشاكل دول حوض نهر النيل خاصة عدداً من دول المنبع التي لا تراعي حقوق مصر التاريخية في مياه النيل.
وإذا كانت بداية العام الجديد ستكون صعبة هكذا.. فان بقية شهوره لن تكون للأسف أقل صعوبة.
ففي عام 2011 سوف يصدرقرار الاتهام في قضية مقتل رفيق الحريري وسوف تبدأ المحاكمة في نهايته.. وإذا كان قرار اتهام لم يصدر بعد قد أثار كل هذا الاضطراب الحادث في لبنان سياسياً. فما بالنا بصدوره وبدء المحاكمة الدولية بالفعل.. ورغم الجهود السعودية والسورية فإن الشلل السياسي قد أصاب بالفعل لبنان.. ويخشي في العام الجديد أن يتحول هذا الشلل إلي صدام يهدد لبنان كله. خاصة وأن حزب الله اللبناني مازال ينتهج موقفاً متشدداً هو وحلفاؤه في المعارضة.. كما أن سوريا تقول لكل من يطالبها بدور أكثر نشاطا وفاعلية لضبط الأوضاع في لبنان إن التوافق اللبناني شأن داخلي لهذا البلد الذي ظل يعاني طويلا لعدم وجود رئيس له وعندما ظفر بهذا الرئيس ثم بحكومة ائتلافية سرعان ما تم شل هذه الحكومة ووقف اجتماعاتها.. ولذلك سوف يكون عام 2011 عاماً صعباً جداً بالنسبة للبنانيين مهما تضرعوا بالدعاء لانقاذهم من أخطار جمة تهددهم.
أيضا في عام 2011 سوف يرحل الأمريكيون عن العراق تاركين عددا من قواتهم في بعض القواعد العسكرية.. وسوف يلقي ذلك أعباء أكبر علي القوات العراقية سواء العسكرية أو الأمنية في التصدي لمن يخططون وينفذون عمليات العنف والارهاب التي لا يمر يوم الآن في العراق دون وقوع عمل أو أكثر منها.. وإذا كان العراق قد ظفر مؤخراً باتفاق بعد لأي بين القوي والتحالفات السياسية المشاركة والفائزة في الانتخابات ضمن له تشكيل الرئاسات الأساسية وأيضا تشكيل حكومة.. فإن الخلافات مازالت تطل برأسها بين هذه القوي والشكوك لم يتم احتواء بعضها سواء فيما يتعلق بمجلس السياسات الذي تم استحداثه أو علاقته بالحكومة وبقية المؤسسات السياسية العراقية.. أي ان الوضع العراقي مازال قلقاً خاصة بين طوائفه الأساسية الأكراد والسنة والشيعة.. والأخطر أن العراق لم يأمن بعد بحماية مناسبة من الإرهاب.
كما جاءت سنة 2010 بهموم اضافية تورثها للسنة الجديدة. وهي الهموم الخاصة باليمن.. ليست فقط هموم الاستقرار السياسي.. وانما هموم خطر الإرهاب الذي أطل برأسه بقوة في اليمن بعد أن اتخذت مجموعات من القاعدة الأراضي اليمنية قواعد لها للانطلاق.. منها للقيام بعمليات في شتي بقاع الأرض.. ولأن اليمن لم يتمكن خلال العام الذي يستعد للرحيل من هزيمة إرهاب القاعدة فإن العام القادم سوف تفرض عليه معركة مفتوحة مع هذا الإرهاب فوق أرض اليمن.. وكأن أوجاع المنطقة العربية ليست كافية وتزيد لتضاف لنا أوجاع جديدة في اليمن الذي كان يوصف تاريخيا بالسعيد.
أما القضية المركزية لمنطقتنا وهي القضية الفلسطينية فإننا نستقبل عام 2011 وهي في اسوأ حالاتها.. المفاوضات توقفت.. والاستيطان تتسارع خطاه.. والانقسام الفلسطيني مستمر.. وآثر عام 2010 ألا يرحل دون أن يزيدنا تشاؤما علي مستقبل القضية الفلسطينية.. فحتي ما تحاول أن تقدمه واشنطن لايجاد ثغرة في جدار المماطلات الإسرائيلية وذلك بالمفاوضات الموازية لا يبدو أنه سوف يسفر عن شيء بسبب تعنت إسرائيلي واضح يصاحبه تخاذل أمريكي ملموس وتراجع أكثر وضوحاً في المواقف الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بدعوي أن الأوضاع تغيرت في واشنطن بفوز الجمهوريين بالأغلبية في مجلس النواب كما قال ميتشيل للفلسطينيين مؤخراً.
وهكذا…
عام 2011 هو عام صعب ينتظرنا فيه أزمات ومشاكل وصعاب تحتاج منا صبراً واصراراً ويقظة طوال أيام وأسابيع وشهور هذا العام.
الجمهورية
لا تعليق