أنا كنت عايز أعرف ما هو الحكم الشرعي لمن يقوم بسبّ الدين علنا أمام الناس، وكيف نتعامل مع من يفعل ذلك؟
وكان ردّ دار الإفتاء كالتالي:
قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}، والدين معناه الطريق والسبيل؛ فمن يسبّ الدين فهو يسبّ طريق الله وسبيله، وكفى بذلك إثما مبينا وذنبا عظيما، وكفرا قبيحا، قال تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}.
فما قيمة الإنسان والإنسانية بغير دين الله تعالى وبغير طريق الله سبحانه؟! هل للإنسان قيمة إلا بالدين؟! {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}، وهل مقابلة إحسان المنعم سبحانه الذي خلقنا من عدم ورزقنا وأخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا وأكرمنا بجعلنا من خير أمة وأتباع خير الرسل وأنزل علينا خير الكتب، وآتنا من كل ما سألناه وسترنا، وجعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وجعل السيئة منا بمثلها أو يعفو، وبيّن لنا الشرع ولم يجعل علينا فيه من حرج وحذرنا من أعدائنا، وبيّن لنا سبيل المجرمين لنجتنبه، ووضح لنا سبيل الرشد لنتبعه وجعل لنا فيه معاونين من الإنس والملائكة يأخذون بأيدينا إلى رضوانه وجنته، هل مقابلة كل هذا وغيره مما لا يعد ولا يحصى يكون بهذا الجحود؟! وهل شكر هذه النعم وغيرها يكون بأن ينطق لسان الفاجر العُتُلّ الأثيم بسبّ الدين؟! ومَن يسب دين الله فكأنما يسب الله تعالى، ومن يسبّ الله تعالى يُوشك أن يأخذه إلى قعر الجحيم.
فإن كان هذا المجرم الناطق بسبّ الدين قاصدا مدركا لما يقول فهو -والعياذ بالله تعالى- مرتد خارج من الملة مفارق للجماعة، مُجَرَّم فعله دِينًا ودُنيا، مُعاقَب عليه أُولى وآخرة، لا تزال تلاحقه لعنات الله تعالى إلا إن تاب وأصلح واعتصم بالله وأخلص دينه لله، قال تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً}.
ومن كان لا يقصد حقيقة معنى السب وتحقير الدين وازدرائه، بل كان سوء خلقه وبذاءة لسانه قد عودته على التجرّؤ على الألفاظ الفاحشة بحيث يستخدم ذلك إقـذاعا في الشتم للرجل عن خصامه له أو ما شابه ذلك فهو -وإن لم يكفر بذلك- على خطر عظيم، ويوشك أن يوقعه الغَرور -الشيطان اللعين- في الكفر الحقيقي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
وعلى كل حال، لا يجوز أن يُسمح بذلك في مجتمعنا، ولا أن تنطلق هذه الكلمات الفاجرة العفنة على مسامع المسلمين وبين أظهرهم دون أن يحرّكوا ساكنا، فلا بد من الأخذ على يد الظالم الآثم، وإلا فيوشك الله تعالى أن يَعُمَّنا جميعا بعذاب من عنده، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. وليُدفَع بأمثال هؤلاء المتجرئين على حدود الله تعالى إلى السلطات لإعمال عقاب الله تعالى فيهم؛ ففي قوانين دولتنا المحروسة ما يجرم هذا القول الشنيع، ولكن سلبية بعضنا هي التي تحول بين هؤلاء وبين العقاب الملائم لهم.
فليس تحت سماء الكنانة ولا فوق أرضها -بلد الأنبياء والأولياء والصالحين- مكان يسع المعتدين على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً}.