Connect with us

تاريخ

السلطان عبد الحميد الثاني في مواجهة اليهود

Published

on

هرتزل وانشاء الحركه الصهيونيه:

في نهاية القرن التاسع عشر، نشأت فكرة “الحركة الصهيونية” كمبادرة لإنشاء وطن قومي لليهود بهدف الخلاص من التمييز والعداء الذي واجهوه في أوروبا الشرقية والوسطى.

قاد هذه الحركة الصحفي “هرتزل”، الذي نجح في عقد المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897 في بازل، سويسرا، خلال هذا المؤتمر، سعى هرتزل لإقناع اليهود الأثرياء والنافذين بأهمية إنشاء وطن قومي في فلسطين بدلاً من الاقتراحات البديلة مثل الأرجنتين أو أوغندا.

لتحقيق هذا الهدف، بذلت الحركة الصهيونية جهوداً كبيرة في التواصل مع القوى الكبرى، واستفادت من علاقاتها مع قادة أوروبا، بما في ذلك القيصر الألماني “وليام الثاني”، اللذين كانوا على علاقة وثيقة مع السلطان العثماني “عبد الحميد الثاني” وقد نجح هرتزل في إقناع القيصر بأهداف الحركة الصهيونية، ولقد طلب من السلطان العثماني بإنشاء شركة ذات امتياز تحت الحماية الألمانية.

 

السلطان عبد الحميد الثاني وموقفه من مطالب وعروض هرتزل:

في اجتماع جمع بين السلطان عبد الحميد والقيصر الألماني في وقت لاحق، قدم القيصر الأفكار التي طرحها هرتزل ومطالبه للسلطان، ولكن كان رد السلطان سلبيًا للغاية، وعندما التقى هرتزل بالإمبراطور في القدس بعد ذلك، أعرب الأخير عن تأييده للجهود التي يقوم بها اليهود في تطوير الزراعة في فلسطين، بشرط احترامهم للسلطان العثماني والولاء له.

كانت الرؤية الاستراتيجية لألمانيا في ذلك الوقت تتمثل في ضمان وحدة الدولة العثمانية وسلامتها، خاصة في وجه التدخلات الاستعمارية البريطانية والفرنسية. ولذلك، اقتنع الإمبراطور وليام الثاني برفض السلطان لمطالب الصهاينة.

من جانبه، أدرك هرتزل أن هناك عوامل استراتيجية تعيق أهدافهم، وأن مطالبهم لن تقتصر على ما يرضي الألمان. لذا، قرر تجاوز هذه العوائق والسعي إلى لقاء مباشر مع السلطان لتقديم عروض مغرية في ظل الأزمات المالية التي كانت تواجه الدولة العثمانية في ذلك الوقت. ونجح في التواصل مع السلطان من خلال وسيط يهودي نمساوي، وزار إسطنبول عدة مرات بين عامي 1896 و1902، ونجح في مقابلته في إحدى هذه الزيارات.

بهذه الطريقة، يتضح كيف قام هرتزل بتكثيف جهوده لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية رغم التحديات الاستراتيجية التي واجهتها.

في عرضه عبر وسطاء، اقترح هرتزل على بريطانيا إعادة جزيرة قبرص التي احتلتها في عام 1878 إلى الدولة العثمانية، كما طالب بوقف دعم القضية الأرمنية التي كانت تهدد وحدة الدولة العثمانية في شرق الأناضول. لكن السلطان عبد الحميد رفض هذه العروض.

ومع ذلك، لم يتوقف هرتزل عن محاولاته لإقناع السلطان، ونجح في لقاء السلطان في 18 مايو/أيار 1901. خلال هذا اللقاء، أبدى السلطان عبد الحميد رفضه بوضوح لمطالب هرتزل قائلاً: “لن أبيع ولو قدما واحدة من البلاد لأنها ليست لي، بل لشعبي”. على الرغم من هذا الرفض، قدم هرتزل عرضًا ماليًا مغريًا بقيمة 5 ملايين ليرة ذهبية، ولكن لم يتم قبول هذا العرض.

منذ المؤتمر الأول للحركة الصهيونية في بازل، كان السلطان يراقب نشاط الحركة وخططها، وأدرك خطورتها على وحدة الدولة العثمانية. في لقاء آخر، طرد السلطان هرتزل وأصدقاءه، مؤكدًا رفضه لأفكارهم وتأكيده على ضرورة مقاومة توطين اليهود في فلسطين.

بداية هجرة اليهود لفلسطين:

قبل مؤتمر الحركة الصهيونية بما يقارب عقدين من الزمان، كانت هناك فكرة للهجرة اليهودية إلى فلسطين، وبدأت هذه الهجرة بشكل شبه نظامي بداية من عام 1882. وكانت حدثًا مهمًا في هذا السياق اتهام اليهود الروس باغتيال القيصر الروسي “الإسكندر الثاني”، مما تسبب في تشديد التضييق عليهم في دول أوروبا الشرقية.

وعلى الرغم من هذه الهجرة، فإن نسبة المهاجرين إلى فلسطين لم تتجاوز 2% من إجمالي الهجرات اليهودية في تلك الفترة. ومع ذلك، لفت متصرف القدس العثماني الانتباه إلى هذه الهجرة وأرسل تقريرًا إلى إسطنبول، حيث رفضت الحكومة العثمانية فكرة السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين.

لكن اليهود تلاعبوا بالقرار عن طريق دخولهم كحجاج إلى بيت المقدس، ثم بقاءهم لفترات طويلة تجاوزت مدة التأشيرات التي حصلوا عليها من القنصليات العثمانية. ثم طلبوا الحماية من الدول الأوروبية، خاصة بريطانيا وفرنسا، وفقًا لقوانين قديمة تسمح لهذه الدول بحماية الأقليات الدينية في الدولة العثمانية.

وكرد فعل على هذا، فرض السلطان قيودًا إضافية على دخول اليهود، وصدرت فرمانات تقييدية، بما في ذلك فرمان عام 1884 الذي أوضح أن الحُجاج اليهود يجب أن يكونوا بحوزتهم تأشيراتهم العثمانية وأن يدفعوا تأمينًا لضمان مغادرتهم بعد فترة محددة.

 

فرمانات الدولة العثمانيه للحد من توغل اليهود في فلسطين :

1. في أعوام 1890 و1891، صدرت ثلاثة فرمانات سلطانية تتعلق بوضع اليهود في فلسطين. الفرمان الأول أمر بطرد المهاجرين اليهود إلى أميركا، مشيرًا إلى أن وجودهم في فلسطين قد يؤدي في المستقبل إلى إنشاء حكومة يهودية في القدس.

2. الفرمان الثاني منع إسكان اليهود في فلسطين لتجنب الأضرار الناجمة عن وجودهم.

3. بينما حذر الفرمان الثالث من خطر هجرة اليهود وعملهم في الزراعة بهدف إنشاء دولة يهودية والتأثير السلبي على مصالح الفلسطينيين. واستجابة لهذه الفرمانات، صدرت أوامر لمتصرف القدس عام 1892 بمنع بيع الأراضي الميرية لليهود، حتى لو كانوا رعايا عثمانيين.

في الوقت نفسه، كان السلطان عبد الحميد ملتزمًا بدعم القدس وسكانها بكل الطرق الممكنة. فقد فتح الباب أمام الطلاب المقدسيين للالتحاق بالجامعات العثمانية، لاسيما جامعة إسطنبول. ومن الأمثلة على ذلك، الطبيب “حسام أبو السعود” الذي اشتهر بعلاج المقدسيين الفقراء وتوفير الأدوية لهم مجانًا. كما درس “علي النشاشيبي” الطب البيطري “ونظيف الخالدي” الهندسة في جامعة إسطنبول، وساهما في إنشاء سكة حديد الحجاز.

وأنشأ السلطان عبد الحميد العديد من المنشآت في القدس، بما في ذلك خط سكة حديد القدس–يافا وشبكة الهاتف. كما أقام مستشفى بلديًا وبرج ساعة فوق باب الخليل، وحافظ على بنية البلدة القديمة وأزقتها. وأقام سبيل باب الخليل وسبيل باب القطانين ودرج الصخرة وسبيل السلطان المملوكي قايتباي.

وقد كان هناك جهود تنموية أخرى شجع عليها السلطان عبد الحميد في القدس، مثل مشروع نقل مياه قرية أرطاس التي تقع على بعد 12 كيلومترًا جنوب المدينة. تم تنفيذ هذا المشروع لمواجهة فترات الجفاف، خاصة مع زيادة عدد السكان في المنطقة. ومن اللافت أن الإنجليز تحكموا على هذه المياه عام 1925م، ولكنه كان مبادرة مهمة من جانب السلطان عبد الحميد.

كما أظهر السلطان اهتمامًا بالمنشآت الدينية في القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، حيث تم تجديد بنائها وتحسينها. وأيضًا، أولى اهتمامًا خاصًا بالمنشآت التعليمية، حيث أمر والي القدس “أحمد رشيد بك” بإنشاء المدرسة الرشيدية عام 1906م.

بالتالي، نرى أن للسلطان عبد الحميد الثاني دورًا حيويًا في تعزيز الحياة الاقتصادية والثقافية والدينية في القدس خلال فترة حكمه التي امتدت من عام 1876 إلى 1909م. حيث تمثلت جهوده الرئيسية في الحفاظ على سيادة الدولة العثمانية في فلسطين ومواجهة التحديات الصهيونية، بالإضافة إلى دعم المشاريع التنموية والبنية التحتية والمنشآت الدينية والتعليمية في المدينة المقدسة.

Continue Reading
Click to comment

اترك رد

بنك المعلومات

🚀 السر العلمي وراء الإسراء والمعراج.. هل كشف أينشتاين وتيسلا الحقيقة؟! ⚡🕵️‍♂️ المجهول مع ريهام مصطفي

Published

on

🚀 السر العلمي وراء الإسراء والمعراج.. هل كشف أينشتاين وتيسلا الحقيقة؟! ⚡🕵️‍♂️ المجهول مع ريهام مصطفي

رحلة الإسراء والمعراج.. هل كانت مجرد معجزة روحية، أم أن العلم الحديث يمكنه تفسيرها؟! 🤯 في هذه الحلقة من المجهول، نكشف أسرارًا مذهلة عن العلاقة بين النسبية الخاصة والعامة لأينشتاين ⚡، وأفكار نيكولا تيسلا عن الطاقة والانتقال الآني! 😱 هل يمكن للعلم إثبات إمكانية السفر عبر الأبعاد؟ هل هناك أدلة علمية تدعم وقوع المعجزة؟ 🤔

Continue Reading

بودكاست

أسرار أنتيخريستوس: أول حرب بيولوجية وصراع على فلسطين | ماذا يخفي اليهود؟

Published

on

أسرار أنتيخريستوس: أول حرب بيولوجية وصراع على فلسطين | ماذا يخفي اليهود؟

هل تساءلت يومًا عن أسرار كتاب أنتيخريستوس الذي هز العقول؟ في هذا الفيديو، نستكشف فصولًا غامضة ومثيرة، منها بروتوكولات حكماء صهيون وخطط السيطرة على العالم، وأول حرب بيولوجية في التاريخ باستخدام الطاعون كأداة للدمار. نكشف أيضًا تفاصيل احتلال فلسطين وإنشاء دولة إسرائيل المزعومة، وقصة “ألم يأن الأوان يا سيدي” التي تتحدث عن ظهور أنتيخريستوس الذي تم تربيته على يد الملاك جبريل. لا تفوّت هذا التحليل العميق للأحداث التاريخية والخيالية!

Continue Reading

بودكاست

إبليس وعبادة الشمس: السر الخفي وراء تمثال الحرية | في المجهول مع ريهام مصطفى

Published

on

إبليس وعبادة الشمس: السر الخفي وراء تمثال الحرية | في المجهول مع ريهام مصطفى

ما العلاقة بين إبليس وعبادة الشمس؟ وهل يمكن أن يكون لتمثال الحرية أبعاد خفية تتعلق بالرموز القديمة؟ 🔥 في هذه الحلقة من برنامج “في المجهول”، تكشف ريهام مصطفى أسرارًا مذهلة عن تاريخ ورمزية تمثال الحرية وكيفية ارتباطه بمفاهيم غامضة أثارت جدلًا على مر العصور. لا تفوت هذه الرحلة المثيرة إلى أعماق الرموز والأساطير! 📌 تابعوا الفيديو للنهاية وشاركوا آرائكم: هل هناك حقًا أسرار مخفية؟

Continue Reading

تابعنا

Advertisement

تابعونا

متميزة

رسالتك علي الهوا