هناك ثلاث طرق صحيحة لأداء مناسك الحج، وهي: الإفراد، والقِران، والتمتع. يمكن للحاج أن يختار أي نوع يناسبه باتفاق العلماء، واتفق الفقهاء على جواز هذه الأنواع الثلاثة من الحج. وقد أشار الإمام النووي إلى أنه تم التوافق على جواز الإفراد، والتمتع، والقِران. ومِن الأدلة على أنواع الحج قَوْل الله تعالى: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ». كما روي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَرَادَ مِنكُم أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فأهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بحَجٍّ، وَأَهَلَّ به نَاسٌ معهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بالعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَن أَهَلَّ بالعُمْرَةِ».
حج الإفراد:
بالنسبة لبعض العلماء، مثل الشافعية، يُعتبر الإفراد تقديم الحج على العمرة، حيث يُحرم الحاج أولاً بالحج من ميقاته، ثم يُفرغ من مناسك الحج، ومن ثم يخرج من مكة إلى أدنى الحِلِّ فيحرم بالعمرة، ويؤدي مناسكها. بينما يوجد علماء يرون أن الإفراد يتم من خلال أداء مناسك الحج فقط دون العمرة، دون الحاجة إلى تأدية العمرة بعد الحج.
كيفية حج الإفراد:
يبدأ الحاج رحلته بطواف القدوم فور دخوله مكة، ثم يُكمل بأداء السعي بين الصفا والمروة، ويمكن تأجيل هذا السعي إلى بعد طواف الإفاضة، لكن الأفضلية هي أداؤه بعد طواف القدوم، تقتديا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-. يظل الحاج محرماً حتى اليوم الثامن من ذي الحجة، حيث يبيت في مِنى ذلك اليوم، ويُصلي فيها الصلوات الخمس، محافظاً على أوقاتها، ويُقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين. في اليوم التالي، أي اليوم التاسع من ذي الحجة، يقف الحاج بعرفة، ويُجمع بين صلاة الظهر والعصر، ويُقصرهما، ويبقى في عرفة حتى غروب الشمس.
بعد ذلك، يتوجه الحاج إلى مُزدلفة ويبقى فيها حتى طلوع الفجر، ثم يتجه إلى مِنى. في مِنى، يقوم برمي جمرة العقبة بسبع حصيات، مع التكبير عند كل رمي، ويقوم بحلق شعره أو قصه، ثم يغتسل ويتطيب. بعد ذلك، يتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ومن ثم يعود إلى مِنى ليبيت هناك ليلة الحادي عشر والثاني عشر إذا كان مُستعجِلاً، وليلة الثالث عشر إذا كان يريد التأخير. وفي كل يوم من هذه الأيام، يقوم برمي جمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة، كل واحدة بسبع حصيات مع التكبير عند كل حصاة. بعد ذلك، يعود إلى مكة لأداء سبعة أشواط من طواف الوداع.
حج التمتع:
حج التمتع يتضمن قيام الحاج بأداء العمرة قبل الحج، ثم يتحلل بين العمرة والحج. يُعرف المتمتع بأنه الشخص الذي يقوم بهذا النوع من الحج، حيث يستمتع بعدم الالتزام بمحظورات الإحرام بين العمرة والحج. في المفهوم اللغوي، التمتع يشير إلى الانتفاع، حيث يُستخدم المتاع للدلالة على ما يُنتفع به، ومنه يأتي مفهوم مُتعة الطلاق ومُتعة الحاجّ. أما في الاصطلاح الشرعي، فحج التمتع عند الحنفية يعني أداء العمرة ثم الحج في أشهر الحج، دون الحاجة للسفر واللقاء بالأهل.
حسب المذهب المالكي، يبدأ الحاج بالإحرام بالعمرة، ثم يكمل أداءها في أشهر الحج، ومن ثم يؤدي الحج في نفس العام. أما عند الشافعية، فيبدأ الحاج بالإحرام بالعمرة في أشهر الحج من الميقات، ثم يؤدي مناسك الحج في نفس العام دون الحاجة للعودة إلى الميقات وإعادة الإحرام. بينما حسب المذهب الحنبلي، يبدأ الحاج بالإحرام بالعمرة من الميقات في أشهر الحج، ثم يحرم للحج من مكة أو من مكان قريب منها. ويُطلق على هذا النوع من الحج اسم “حج التمتع” لأن الحاج يستمتع بالمسموحات التي كانت محرمة عليه أثناء الإحرام بين العمرة والحج.
كيفية حج التمتع:
في حجّ التمتع، يبدأ الحاج بالتحلّل من الإحرام بعد أداء العمرة، حيث يؤدي العمرة ثم يتحلّل منها، وينتظر اليوم الثامن من ذي الحجة ليحرم بالحج. بعد ذلك، يتوجّه إلى مِنى دون أداء طواف القدوم، إذ ليس من الواجب على المتمتع بالحج أداء هذا الطواف. يُكمل بعد ذلك مناسك الحج، ويُسمح للحاج بالخروج من الحرم لقضاء الضروريات دون الحاجة للإقامة خارجه. يتحتّم على المتمتع بالحج أداء الهدي، وذلك نظراً لتخفيف بعض الأمور في الحج مثل طواف القدوم. وإذا لم يكن بإمكان الحاج ذبح الهدي، يتوجّب عليه صيام ثلاثة أيام قبل يوم النحر، وسبعة أيام عند العودة إلى أهله.
حج القِران:
كيفية حج القِران:
حج القران له ثلاث صور؛ الأولى هي الصورة الأصلية، حيث يحرم الحاج بالحج والعمرة معًا في وقت واحد وبإحرام واحد. أما الصورة الثانية فتتضمن إدخال الحج على العمرة، حيث يحرم أولاً بالعمرة ثم يدخل الحج عليها. أما الصورة الثالثة فتتضمن إدخال العمرة على الحج، حيث يحرم بالحج وحده ثم يدخل العمرة عليه. هناك اختلاف في وجهة نظر العلماء بخصوص صحة الصورة الثالثة، حيث يرون الشافعية والمالكية والحنابلة أن الصورة الثالثة غير صحيحة، بينما يرى الحنفية أنها صحيحة.
من يجب ذبح دم؟
حج الإفراد لا يترتب عليه وجوب الذبح، بل يكون ذلك اختياريًا، حيث يمكن للحاج أن يقرر ذبح الهدي تطوعًا إذا أراد، وإن شاء لم يذبح. أما المتمتع والقارن فعليهما وجوب الذبح، وذلك بسبب ترك الإحرام من ميقات بلده.
لا تعليق