لست ناقدًا سينمائيًا؛ لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلاً… أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها من يحب.رأيت هذا الفيلم في سينما نورماندي بمصر الجديدة عندما تمّ تجديدها عام 1991، وكانت آلة العرض ممتازة وسماعات الصوت في حالة رائعة (كنت تسمع سنابك الخيول إذ تركض في الشارع خارج السينما)، ولهذا لم أعتبره فيلما ولكن تجربة روحية كاملة، عندما ترى كل هذا الإتقان فأنت بحاجة لأن تراه كما أراد صانعوه.
الفيلم لعب علني بالمشاعر يُوشك أن يمد يده من الشاشة لعينك ليعتصر الدموع منها، لكنه لعب راقٍ عالي المستوى، ولهذا تجهش بالبكاء عدة مرات أو تشعر بالقشعريرة وبرغم هذا لا تخجل من نفسك. هذا النوع من القصص التي يُسمّونها “ذات موقف سياسي صحيح” (politically correct)؛ إذ يتمّ إعادة الاعتبار للهنود الحمر أو السود.. لقد مرّ عهد طويل على زمن أفلام جون واين العنصرية، عندما كان يقتل الهنود كالذباب بينما المُشاهد يُصفّق ويبعثر الفيشار منتشيا.. اليوم نحن نعرف أن جون واين عنصري يميني سادي، وهذا الاتجاه معروف في السينما الغربية باسم Revisionist cinema أي سينما المراجعات؛ حيث تكتشف السينما أنها كانت مخطئة في الماضي.
النقطة الثانية بالنسبة للفيلم هي أن بوسعك لو رأيته أن تعتبر أنك عرفت قصة فيلم “أفاتار” الذي هزّ العالم مؤخرا، مع جعل الهنود كائنات فضائية في فيلم “أفاتار”.
اليوم نقابل النجم الوسيم والمخرج البارع كيفن كوستنر. القصة عن كتاب لمايكل بليك، وقد استغرق الفيلم خمسة أعوام في الإعداد ليعرض عام 1990، وتكلّف 22 مليون دولار، وهي ميزانية متوسّطة بمقاييس تلك الأيام، لكنها تجاوزت الميزانية المرسومة بكثير التصوير الرائع هو للفنان دين سكلر، والموسيقى للفنان جون باري صاحب الموسيقى التصويرية لأفلام لا تنسى؛ ومنها اللحن المميّز لأفلام جيمس بوند..