يتواصل انتشار ظاهرة الطلاق كظاهرة مدمرة تؤثر في كيان الأسر المصرية، مما يؤدي إلى هدم الأسر والتأثير السلبي على الأطفال. شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في نسب الطلاق، وخاصة بين الشباب المتزوجين حديثًا، حيث أصبح الطلاق يُعتبر الحل السريع للتخلص من المشكلات الأسرية التي قد تظهر بشكل عابر في بعض الحالات.
أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا تحذيريًا يدعو إلى تجنب الإسراف في استخدام الطلاق كوسيلة لحل الخلافات الزوجية. جاء في البيان أن التفكير في الطلاق قد يؤدي إلى فقدان الدوافع لتحسين العلاقة بين الزوجين، وأن استثناء الطلاق من الخيارات يجب أن يحفزهما على التركيز على حل الخلافات بينهما. كما شدد البيان على أنه لا ينبغي لأي من الزوجين تهديد الطرف الآخر بالطلاق أو طلبه خلال فترات الخلاف، بل يجب السعي إلى حل المشكلات بشكل بنّاء ومسؤول.
في فتواها ضمن مبادرة “لتسكنوا إليها”، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى كراهية الطلاق في عين الله، إذ قال: “أبغض الحلال إلى الله الطلاق”. وأوردت الفتوى قوله صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير مضطر، فحرام عليها رائحة الجنة”. وبناءً على ذلك، حثت على التفرغ لحل المشكلات والبحث عن الأسباب وعلاجها، بهدف الحفاظ على استقرار الأسرة وتجنب الانفصال والضياع.
أظهرت أحدث الإحصائيات ارتفاعًا كبيرًا في حالات الطلاق خلال عام 2021 بنسبة 14.7% مقارنة بعام 2022، حيث سُجل في مصر خلال العام الماضي 254,777 حالة طلاق. يتزامن هذا الارتفاع مع تسجيل حالة طلاق جديدة كل دقيقتين، وحوالي 25 حالة في الساعة، مما يعني أكثر من 18 ألف حالة طلاق في الشهر.
يثير الارتفاع الكبير في نسبة الطلاق في مصر تساؤلات حول أسباب هذا الظاهرة، وعن الصعوبات التي تدفع الأزواج للنظر إلى الطلاق دون أن ينتبهوا إلى الآثار النفسية والاجتماعية المحتملة على أطفالهم بعد الانفصال.
أسباب ارتفاع حالات الطلاق
تتنوع أسباب ارتفاع حالات الطلاق في مصر، حيث أكد خبراء في علم النفس والاجتماع على مجموعة من العوامل التي تسهم في هذا الظاهرة، ومن بينها:
- الخيانة الزوجية: تعتبر الخيانة الزوجية من الأسباب الرئيسية للطلاق، التي تؤدي إلى فقدان الثقة بين الزوجين وتسبب في تفكك الحياة الزوجية.
- الإهمال وعدم تحمل المسئولية: عدم الالتزام بالمسئوليات الزوجية وتقديم الرعاية اللازمة يمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقة وزيادة فرص حدوث الطلاق.
- الضرب والعنف الجسدي:
تعتبر المشاكل الزوجية التي تتسبب في العنف الجسدي من أخطر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق. تكمن خطورتها في تكرارها والرد الفوري بالطلاق كرد فعل طبيعي. - الهجر بين الزوجين:
تظهر مشاكل الهجر والتباعد العاطفي بين الزوجين عندما تفتقر العلاقة إلى الحميمية والتواصل، مما يزيد من احتمالات حدوث الطلاق. - النفور العاطفي:
غياب التواصل الحسي والعلاقة الحميمية يُعدّ مؤشرًا على انعدام الانسجام في العلاقة ويمكن أن يكون سببًا مباشرًا للطلاق. - سوء المعاملة بين الزوجين:
سوء المعاملة والتحقير والإهانة المستمرة يُجسّد العنف المعنوي واللفظي، مما يؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية ويُحدث شرخًا بين الزوجين ينتهي بالطلاق. - رفع التوقعات وخيبة الأمل:
مقارنة العلاقة الزوجية بعلاقات الآخرين ورفع التوقعات يمكن أن يؤدي إلى خيبة الأمل وتسبب مشاكل تُجبر الأزواج على الطلاق. - المشاكل المادية:
يُعتبر سوء الوضع المادي من المشاكل الرئيسية التي تدفع إلى الطلاق، خاصة عندما يكون أحد الأزواج غير راضٍ عن الوضع المادي، مما يؤدي إلى تصاعد المشاكل. - انعدام الخصوصية وتدخل الأهل:
تدخل الأهل يُعدّ من أكبر المشاكل التي تؤدي إلى الطلاق، حيث يؤدي غياب الخصوصية إلى تفاقم المشاكل وزيادة حجمها. - الإدمان:
الإدمان يُسبب من الخلافات الزوجية ويجعل الحياة الزوجية مرهقة، مما يُفضي في بعض الحالات إلى الطلاق. - الاختيار الخاطئ لشريك الحياة:
سرعة اختيار الشريك بدون فحص جيد وغياب التوازن الانفعالي يُعدان سببًا رئيسيًا في ارتفاع نسب الطلاق.
حلول للحد من الطلاق
لتحقيق استقرار الحياة الزوجية والتقليل من نسبة الطلاق، يؤكد استشاري الصحة النفسية على أهمية التفاهم بين الزوجين خلال فترة الخطوبة، مع التركيز على دراسة كل طرف للآخر. بعد الزواج، يُشدد على ضرورة تطوير مهارات حل الصراعات وعدم تجاهل المشكلات لتجنب تفاقمها. وفي حالة وجود خلافات، يجب اختيار التوقيت المناسب لحل المشكلات وتقبل الأخطاء بروح بناءة. يجب على كل طرف التعبير عن أهمية الزواج كمصدر للتحسين في حياتهما.